بحثت بالأمس في محركات الانترنت عن الموقع الإلكتروني للجهاز المركزي للاحصاء بالسودان، فلم أعثر له على أثر، كنت انوي المقارنة بين أرقام دراسة أعدت في عام ٢٠٠٨ ومصدرها حسب صاحب الدراسة هو الجهاز المركزي للاحصاء نفسه، الأرقام تتحدث عن نسبة الأمية بين السودانيين من الجنسين في الريف والحضر، قصدت ان أقارن بين واقع الأمية في بلادنا بين عام ٢٠٠٨ وعام ٢٠٢١، وكان يمكن أن يقدم الموقع الإلكتروني للجهاز هذه المعلومة لي بكبسة زر، ولكن أين هو الموقع؟ لماذا لا يوجد موقع الكتروني لهذا الجهاز الإحصائي المهم؟ هل تفتقر بلادنا في عصر المعلومات لمجرد موقع الكتروني أحصائي؟
الأجهزة المركزية للاحصاء بالدول تقدم أرقام مستمرة سنوية و شهرية ويومية عن الموقف الإحصائي للبلد في كل المجالات السكانية والاقتصادية والتعليمية والصحية والاجتماعية وغيره، وتعتبر المصدر الاول للمعلومات الاحصائية بالبلد، وهي معلومات لا غنى عنها للحكومات وللباحثين وأصحاب المشاريع وغيرهم محليا ودوليا، الحكومات تعتمد في كل مؤسساتها على المعلومات الاحصائية في وضع الخطط الانية والمستقبلية وتنفيذ البرامج وتقييمها المستمر ومتابعة نتائجها وتطورها، بدون هذا الجهاز والمعلومات التي يوفرها يكون العمل الحكومي مجرد عمل عشوائي وبرنامج (شختك بختك).
للمقارنة بالدول الاخرى، بحثت في الانترنت عن المواقع الالكترونية للجهاز المركزي الإحصائي في السعودية والعراق ومصر، فوجدت جميع هذه الدول لديها مواقع الكترونية نشط وفعالة لأجهزة الإحصاء عندها، توفر هذه المواقع جميع ما يخطر على بال الباحث من معلومات وارقام إحصائية للدولة في شتى المجالات، وهي أرقام تسهل كثيرا على الباحثين وعلى الوزارات والمؤسسات والمنظمات الداخلية والدولية من بناء خططها بطريقة علمية من مصدر رسمي منضبط ومجدد باستمرار. وهو ما يوضح كم نحن متأخرين وبعيدين حتى عن دول الاقليم من حولنا.
لاقتفاء اثر هذا الجهاز الحكومي المختفي، بحثت مجددا عن ما كتب عنه في محركات البحث، فوجدت لقاءا على موقع الأمم المتحدة مع المدير العام للجهاز المركزي للإحصاء في السودان الأستاذ علي محمد عباس، كان اللقاء ضمن فعاليات اجتماعات مفوضية الإحصاء التابعة للمنظمة الأممية في مارس ٢٠٢٠، حيث ذكر المدير العام بإن الجهاز السوداني ما زال في كثير من أعماله الإحصائية يتبع الطريقة التقليدية، وانه يواجه تحديات النقلة المطلوبة من الطريقة التقليدية في العمل إلى الطريقة الالكترونية التي تعتمدها الكثير من بلدان العالم اليوم.
اتمنى ان تنتبه الحكومة الانتقالية لحال هذا الجهاز وتدعمه من أجل أن يواكب الأهداف الطموحة التي يسعى إليها الشعب عبر حكومة ثورة ديسمبر، توفير الميزانية لهذا الجهاز أهم من توفيرها لعشرات الأجهزة والمؤسسات التي بلا معنى ولا فائدة، هذا الجهاز تحتاجه الحكومة الآن بشدة ليمدها بكل المعلومات الضرورية لتحريك قطار الخطط والبرامج الحكومية وضبطها وتوجيهها للامام بناءا على المعلومات الإحصائية المؤكدة وليس بناءا على الحدس و(الهوجة) السياسية الفارغة.
يوسف السندي
sondy25@gmail.com