يقضي أحفادي عبد العزيز ويوسف وزياد ساعات طويلة مع (الموبايلات) في ألعاب خيالية.
مساكين ماذا بوسعهم أن يفعلوا؟! مقفولين في هذه الشقق الضيقة، فيفرغون طاقتهم في هذه الفيديوهات.
فراغ وقلة شغلة.
في عمرهم كنا في القرية… حيث الملعب الكبير الذي نصنع فيه ألعابنا بأنفسنا ونمارس فيه هواياتنا في العوم بالنهر والصيد وقنص الطيور.
يا ترى هل كنا أكثر حظا منهم؟
أشفق عليهم أن يصابوا بأمراض العصر مثل فرط الحركة ومن لوازمه تقلبات المزاج والتصرف الاندفاعي وتشتت التركيز.
هذه الهواجس أسعفني منها الصديق الدكتور محمد السيد بمقالة في صحيفة أمريكية تقدم نصائح تساعد في فطام أطفالنا وأنفسنا من إدمان التلفونات.
أولى النصائح أن نحادث أطفالنا ونتكلم معهم.
الحقيقة أننا نفعل عكس ذلك، بأن نضع في أيديهم التلفونات حتى نرتاح من مشاغباتهم. ولا حوار معهم، بل: اسكت يا ولد… اقعد ساكت… يا ولد ما تجنني.
وتنصح المقالة بأن ننتهز أوقات الطعام لجعلهم بعيدين من الهواتف.
يا لطيف… اثنان منهم لا يضعان اللقمة في الفم إلا إذا كان الفيديو أمامهم، وأحدهما لا يأكل ما يأكله الناس فلا حاجة أصلا للجلوس على مائدة.
نصيحة أخرى أن نعرف ماذا يشاهدون وماذا يلعبون حتى نوجههم للمفيد.
حاولت ذلك فجلست معهم. قالوا لي: جدو نحن بنلعب ماين كرافت…
- يعني شنو؟
- يعني ممكن تلعب معانا… اللعبة فيها خمسة.
ما كنت أعرف أنها لعبة مشتركة. كل واحد يحاول أن يصنع بيته أو عمارته أو سيارته، وقد يأتي الثاني ليهدم ما بناه الأول.
إذن هذا سر الصرخات التي تصدر منهم والمعارك.
ولعبة ثانية اسمها فري فاير معارك باستعمال كل أنواع الأسلحة.
ألعاب تؤهلهم أن يكونوا أعضاء في حركات (كفاح مسلح) أو رجال احزاب من نوع فريد (نحن ناقصين)؟!
لكن العزاء في أن هذه الألعاب قد تخلق في أطفالنا فوائد أيضا…
فهي فوق أنها وسيلة لإزجاء وقت الفراغ، تنمي الوظائف الإدراكية لدى الطفل، وقيل إنها تطور الدماغ وتساعد في حل المشكلات.
هذا صحيح.
كنت مع الأسرة قد أنهيت أداء الحج، ورجعت إلى موقف السيارات لنأخذ طريقنا للعودة.
وجدت السيارة وقد أحاطت بها السيارات من كل جانب، ووجدت الخروج من هذه الزنقة مستحيلا، وليس أمامنا إلا أن نفترش ونجلس في انتظار الفرج…
وجدت الولد عاصم يقول لي: يابوي ده ساهل تطلع كده خلفي بس.
وبتوجيهاته السديدة أمكنني الخروج بسهولة ويسر.
والله… نفعت البحلقة في البلي استيشن!