كل عام وانتم بخير وعافية
بلادي وان جارت علي عزيزة وأهلي وان ضنوا علي كرام.
مرت سنوات وانقضت، وطعم العيد في الغربه لم يتغير، ولم يتبدل نفس الملامح والشبه.
وخاصة في عهد الكورونا.
لاحت تباشير العيد ونحن يحدونا الأمل ان نقضي عيدنا بين أهل والأصدقاء. ولكن انتشار الوباء وتعقيداته زادت الأمر سوء مما حدا باللجنه العليا لمكافحة الكورونا ان تصدر قرارات قاسيه (لدرء المخاطر وزيادة الإصابات)
فكان اولها الحظر الجزئ من الشهر الماضي .. ثم الإغلاق الكامل ايام العيد الخمسه..
ولا يتسنى لنا ان نرى ضوء الشمس إلا بالنوافذ. ومن ثم الرجوع للإغلاق الجزئ بعد العيد مرة أخرى. تخيلوا حالنا يبعد بيتي من بيت شقيقي ثلاث دقائق، ولانستطيع ان نرى بعضنا إلا بالوسائط. فهذا الوضع أثّر بعمق في حالتنا النفسيه. فتمنيت ساعتها لو كنت في وطني لننعم بالعيد وسط الأسرة الكبيره. رغم أني لست من دعاة الإختلاط. لكن على الأقل الأسرة الواحده.
انا في خضم تلك الحاله من الحنين فبدات أقلب واتصفح مذكراتي لكي اكتب رساله ود وحب ومعايدة لوطني واحبتي في صحيفة التحرير. فإذا بي أجد مقال بعنوان حنين كتبته العام الماضي يوم الثالث من أغسطس ٢٠٢٠ سبحان الله so related كأن أعياد الكورونا عندنا نسخة مكرره.
بلادي أحبك فوق الظنون
واشدو بحبك في كل نادي.
عشقت لأجلك كل جميل وهمت لأجلك في كل وادي.
ومن هام فيك أحب الجمال.
وإن لامه الغشم قال : بلادي.
لأجل بلادي عصرت النجوم.
واترعت كأسي وصغت الشوادي.
كل طائر مرتحل عبر البحر قاصد الأهل حملته أشواقي الدفيقه.
آه من آلام الغربه. والفراق والبعد عن الأوطان ومراتع الصبا والنشأة وعبق الأمكنه.
ما أقسى الغربه وان اعطتك شيء لكنها تاخذ منك أشياء لا تعوض.
هنالك مناسبات خاصه لها تأثير واضح على من فارق وبارح
ودياره، ووطنه، مثل الأعياد في الغربه هي التي تولد أصعب المشاعر التي تحرك الرواكد ذكريات وتثير كوامن الشوق ، وتهيج الاحاسيس والشجن وتدق ناقوس الحنين للوطن والأهل والأحبه. يصبح احساس العيد ممزوجا بالألم والحزن والفرح في ذات الوقت.
ونبدأ في اجترار الذكريات الجميلة وكيف كانت الأعياد في الوطن وتفاصيلها الحلوه التي رسمت في دواخلنا فشكلت لوحات جماليه في غاية الروعة بالألوان زاهية لا يمكن أن تبهت ولا تتغير مهما طال بها الزمن، وحفرت في الذاكره بإتقان وستظل كهذا تنضح حيوية الي ان نفارق الحياة..
كلما جن ليل الغربه كلما اشتد الشوق للوطن ذلك المكان الذي نحبه قد تغادره اقدامنا ولكن قلوبنا تظل فيه،الوطن الحاضن للماضي والحاضر والمشرف على المستقبل، مكان الوطن لا يعوض. ليس وطني دائما على حق ولكن لا استطيع ان امارس حقاً حقيقيا الا في وطني. الوطن هو الحب المورق تحس بقيمته الحقيقيه بمجرد ان تطأ قدماك صالة المغادرة تدخل في صراع غريب مع النفس وتجاذب قوي مع الذات بين نار الغربه والفراق والمصلحة الوقتيه التي ربما لا تسمن ولا تغني من جوع. وكثير منا فارق الوطن قسرا. للظروف القاسيه الاوضاع السياسيه الجائرة في العهد البائد ..
كما قال: درويش في اسطورته الشهيره ليست الهجرة إلغاء للوطن، بل تحويل المسألة إلى سؤال .
عندما يكون الوطن في خطر فكل أبناءه جنود. وهذا تجلى بصورة واضحة في ثورة ديسمبر كيف انتفضت كل الجاليات السودانيه في جميع بقاع العالم وهتفت حريه سلام وعداله.. حيث تكون الحريه يكون الوطن . فكانت كالجسد الواحد الذي تداعى بالسهر والحمى) حنينا وشوقا وحبا للوطن.
إيمانا منا بقول شوقي للاوطان في دم كل حر يد سلفت ودين مستحق.
كل مسافر سيؤوب يوما
إذا رزق السلامه والإيابا
وكل عيش سوف يطوى
وإن طال الزمان به وطابا.
ونحن نطمئن أنفسنا ونسليها ونعزيها بالعوده اذا كان في العمر بقيه.
ونترنم مغنين مع الطيب عبدالله ونقول :الغريب عن وطنه مهما طال غيابو مصيره يرجع تاني لأهلو وصحابو.
ينسى آلامو وشجونو وينسى حرمانو وعذابو.
الله يرد غربة الجميع في أحسن حال.
وكل عام وانتم بخير وعافية.
آسيا المدني
مسقط
سلطنة عمان
3rd of August 2020