منذ الحوار الشهير الذي اجراه الصديق الصحفى سعيد شعيب مع مرشد جماعة الاخوان والذي قال فيه المرشد : طظ فى مصر، رسخ في ذهني ان مثل هذا الاختلال لا يمكن ان يكون راجعا لقلة ادب الاخوانجية ولداحتهم وأبلستهم وحدها ، اكيد سببه شيء اكبر وقد يكون هذا الشيء مرتبطا بالحالة الذهنية للفرد او الجماعة داخل فضاء الوطن والجماعة قد تكون عرقية او سياسية او دينية، وهي حالة ذهنية مبرمجة على اساس انك تغني للوطن : ولي وطنٌ آليتُ ألا أبيعَهُ وألا أرى غيري له الدهرَ مالكا ، عندما تكون اياه حالبا ومستفيدا سواء كانت سلطة او عملا او مالا وتلعن سنسفيل جدوده عندما تفقد تلك المميزات ، هذه الحالة الذهنية تدفعك لتحقير الاخرين وتهميشهم واقصائهم عندما تكون في السلطة او في يدك الوظيفة الكبرى والمال .
الترابي قالها واضحة وصريحة بان الافغاني الملتزم بنسخته من الاسلام مقدم على مواطنه السوداني. ولو وجد البشير اليوم فرصة للكلام من داخل محبسه في سجن كوبر لقال طظ فى السودان. هذه الحالة الذهنية تتحكم في نظرتك للاخر المختلف بحيث يكون الوطن نفسه عنصرا مختلفا عندما تتبدد فرصك فى الحصول والحفاظ على تلك المميزات فوق ارضه فتصب عليه جام عضبك وتقول له طظ فيك قبل قطع الوشائج بينك وبينه !!!
وقبل سنوات اثناء عملي بمطار واشنطن الدولى لحق بى في الممر شخص شرق اوسطى الملامح، وسألنى من فضلك أين اجد السفارة التركية، قلت له انها تقع فى ماساشوستس افنيو وهي بعيدة من هنا. قال لي انا اقصد اين المرحاض. وشرح لى انه تركي من اصل ارمني وانه واهله يعتبرون الحط من قيمة تركيا واجبا وطنيا.
وبالمقابل رأيت – اثناء ادائي القسم في احتفال حصولنا على الجنسية الامريكية – موظفي وزارة الامن الداخلي يطوفون بين الصفوف للتأكد من ان القسم يتم ترديده جيدا بالذات الفقرة الخاصة بالتخلي عن الجنسية الاصلية، ما يعني انهم ادركوا بالتجربة تردد البعض!!!واليوم فاجأني صديقي الاثير غبريميكائيل بنزع صفة الاثيوبي عن نفسه؛ لانه لم يعد منتميا لاثيوبيا، وانه فخور بالانتماء للتغراي وحدها نتيجة للغدر بقومه مؤخرا كما يقو ل.
وقد اخرج صديقى هواء كثيفا من فمه رافعا سبابته وهو يردد في غضب كلمة باللغة التغرينية رجحت انها تعنى طظ فى اثيوبيا. شهادة لله كان غبريميكائيل معارضا لهيمنة ويانى واقصائهم للاخرين طوال ثلاثين عاما ، وكان عدوا للجبهة الشعبية لدرجة انه لم يعد لاثيوبيا الا بعد رحيل مليس زيناوي، وقد ودعته حينها عندما سافر حاملا معه الدولارات التي ادخرها للاستثمار فى اثيوبيا !!
تخيلوا كم مجموعة عرقية وسياسية ودينية في بلادنا على استعداد لقول طظ فى السودان اذا لم يحقق لها البلد مصالحها، في حين ان المسألة ابسط ما تكون: تجمع شلة الاصدقاء مساهمات مالية من كل فرد منهم لشراء الطعام او الشراب في الرحلات الترفيهية والمناسبات الاخرى، وهي ما يجب ان يحصل مع الوطن .كل يشارك بنصيبه ( share ) في الوطن بدون الافتئات على حقوق اي منهم الا اذا كان جسما غريبا وشاذا وملفوظا مثل الاخوان وبدوره يعامل الوطن جميعهم بالتساوي … وبصراحة الوطن الذي يعجز عن توفير فرص متساوية لابنائه فى الواجبات والحقوق ويتلكك فى مسألة العدالة لن يجد احدا من ابنائه يدافع عنه، وستكون كلمة طظ شوية عليه، وقد نجد العذر لأبنائه اذا قالوا أنه يستاهل الضرب بالجزمة القديمة!!