الطريق نحو لديمقراطية (2)
تعددت التعريفات لمصطلح منظمات المجتمع المدني وفقا لأهدافها ومقاصدها والبيئات التي تعمل فيها وما تقوم بها من دور في منظومة العمل المجتمعي. والتعريف الأكثر شمولاً والمتداول بشكل عام لمنظمات المجتمع المدني أنها ( مجموعة من التنظيمات الطوعية الحرة التي تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة لتحقيق مصالح أفرادها ، ملتزمة في ذلك بقيم ومعايير الاحترام والتراضي والتسامح والإدارة السلمية للتنوع والخلاف )
وقد تبني البنك الدولي تعريفا موسعا وأكثر شمولاً لمنظمات المجتمع وهو ( ان مصطلح المجتمع المدني يشير الي مجموعة واسعة النطاق من المنظمات غير الحكومية والمنظمات غير الربحية التي لها وجود في الحياة العامة وتنهض بعبء التعبير عن اهتمامات وقيم اعضائها والاخرين ، استنادا الي اعتبارات أخلاقية او ثقافية او سياسية او علمية او دينية او خيرية . ومن ثم يشير مصطلح منظمات المجتمع المدني الي مجموعة عريضة من المنظمات تضم ، الجماعات المجتمعية المحلية والمنظمات غير الحكومية والنقابات العمالية وجماعات السكان الاصليين والمنظمات الخيرية والمنظمات الدينية والنقابات المهنية ومؤسسات العمل الخيري ) .
ووفقاً للتعريفات المذكورة تمتد مظلة مؤسسات المجتمع المدني لتشمل المؤسسات الربحية كالشركات والمؤسسات، وما يتصل بذلك من تنظيمات تعمل علي حماية مصالح تلك المجموعات مثل (الغرف التجارية، النقابات)، كما تشمل الأحزاب السياسية والاتحادات المهنية (المحامين، الأطباء، المهندسين إلخ) والمنظمات الفئوية مثل المنظمات النسوية والشبابية والطلابية وغيرها، كما يدخل في ذات الإطار الجمعيات والروابط الخيرية والاجتماعية والثقافية والرياضية . ومع التطور الإنساني والتقني وثورة المعلومات ظهرت التنظيمات المدنية التي تتجاوز حدود الدول مثل جمعيات حقوق الإنسان وحماية البيئة وما شابههما، لذا فإن منظمات المجتمع المدني تمثل القطاعات الحية المستقلة والمؤثرة في المجتمع، وتشكل أساساً متيناً لدعم الدولة الديمقراطية المدنية ، وتحقيق أهداف سياسية واقتصادية وعلمية واجتماعية تساهم بشكل كبير في دعم وتطوير وبناء الدولة وتساهم في صياغة الخيارات الوطنية. وتقوم منظمات المجتمع أيضا بأداء دور فعال كأجهزة ضغط ورقابة على السلطتين التشريعية والتنفيذية لأن معظم هذه التنظيمات تمثل جماعات المصالح والضغط التي تعمل لخلق رأي عام حول قضية معينة، و تسعى للحصول على حقوق ومصالح تلك الجماعات بالضغط علي الحكومات، والعمل على إصدار أو إلغاء قرارات تحقق مصالحها، وتمارس بشتى الطرق والوسائل السلمية المشروعة المنصوص عليها في القوانين العامة وفي نظامها الأساسي ولوائحها مثل رفع المذكرات والبرقيات والمظاهرات والاعتصامات وممارسة كل أنواع الضغط المدني لتحقيق أهدافها ومصالحها.
إن منظمات المجتمع المدني تعتبر من الركائز الأساسية لبناء الديمقراطية الحديثة لأنها تجسد المفاهيم، والرؤى المجتمعية وتبلور الأفكار في إطار الأهداف والمصالح المشتركة للأفراد والجماعات . لذا فإن الاهتمام ببناء هذه المنظمات وتعزير دورها في المجتمع يجب أن تكون في مقدمة الأولويات لما لها من تأثير إيجابي في البناء الديمقراطي ، من خلال إنشائها لمنابر الرأي العام والعمل على حماية مصالح الأفراد والجماعات، ولما تشكله من قوى ضاغطة ومؤثرة على أداء ومسيرة الحكومات بما يحقق التوازن بين المصالح المشتركة بين المواطنين والدولة. كما أن لهذه المنظمات دور هام في تأهيل المجتمعات للممارسة الديمقراطية والحكم الراشد والمساهمة بشكل فعال في تشكيل السياسات واتجاهات الرأي العام، للمساهمة بفعالية في عملية التحول الديمقراطي وترسيخ الممارسة . تقوم منظمات المجتمع أيضا بأداء دور فعال كأجهزة ضغط ورقابة على السلطتين التشريعية والتنفيذية لأن معظم هذه التنظيمات تمثل جماعات المصالح والضغط التي تعمل لخلق رأي عام حول قضية معينة، و تسعى للحصول على حقوق ومصالح تلك الجماعات بالضغط علي الحكومات، والعمل على إصدار أو إلغاء قرارات تحقق مصالحها. وتمارس تنظيمات المجتمع المدني شتى الطرق والوسائل المشروعة المنصوص عليها في القوانين العامة وفي نظامها الأساسي ولوائحها مثل رفع المذكرات والبرقيات والمظاهرات والاعتصامات وممارسة كل أنواع الضغط المدني لتحقيق أهدافها ومصالحها.
إن الأصل أن تتمنع تنظيمات المجتمع المدني بكامل الاستقلالية بعيداً عن هيمنة أية جهات رسمية أوغيرها و تتمتع بحرية التنظيم والتعبير في ظل الدستور والقانون الذي ينظم أساليب ممارساتها لدورها المجتمعي الهام وتحميها من الوصاية والتغول في كل يتصل بتكويناتها وأساليب وطرق إدارتها لأعمالها إلا في ما يسمح به القانون.
من خلال تعريف البنك الدولي لمنظمات المجتمع المدني وما أوردناه هنا من أمثلة ، يتضح اهميتها ودورها في تشكيل مسيرة الحياة في المجتمع من خلال تنوع اشكالها ومجالات اعمالها ومساهماتها في التطوير والتنمية البشرية. ونسبة لتعاظم دور هذه المنظمات أصبحت تحت نظر واهتمام الحكومات والمنظمات الدولية وخاصة البنك الدولي وبرنامج الامم المتحدة الإنمائي من خلال تقديم دعم مقدر لهذه المنظمات لرفع كفاءة تلك المنظمات وتعظيم دورها في خدمة المجتمع، لما تحققها من نفع للمجتمع من خلال تنفيذ برامج متعددة ومتنوعة . إن ما تقدمه المنظمات الاقليمية والدولية من دعم واهتمام يشكلان اعترافا دوليا بدورها خاصة فيما يتصل من أعمال تحقق النهوض بوضع الطبقات الفقيرة وانتشال المهمشين في إطار تحقيق مطالبهم وتحسين أوضاعهم و وايصال صوتهم لمراكز القرار. ولعل أحد الأدوار الوظيفية التي تقوم بها منظمات المجتمع المدني هو تعزيزها لروح التراضي والاتفاق بين العاملين فيها وتعميق أسس الممارسة الديمقراطية بين مكونات المجتمع مما جعلها من اهم الأدوات والآليات الأساسية لترسيخ ثقافة الديمقراطية الرافضة للاستبداد والهيمنة كما وانها آلية مهمة في القيام بتقديم خدمات في مواقع قد لا تتمكن السلطات الرسمية من الوصول إليها. من خلال هذه المفاهيم يتضح أن المنظمات تكمل دور السلطة في مواقع كثيرة في مجال البناء والتعمير. لذا يصح القول بأن منظمات المجتمع المدني ترسخ لقيم الديمقراطية وتضمن تحقيق المزيد من الاستقرار والتوازن المطلوب بين الدولة والمجتمع أمراً واقعاً.
16/8/2021م
نواصل