• حكومتنا هذه، الله يهديها، تفتأُ تمشي على خُطى الإنقاذ، وقع الحافر على الحافر، حتى تكاد تكونُ مثلها، أو أسوأ منها !!
• الرئيس المخلوع عمر البشير، وبعدما أصبحت حتى الحِيَط والأشجار، وطير الخلا، والكلاب الضالة، تعرفُ الفساد المستشري في حكومته، ظل يردد بعوارة وبلا خجلة، ويقول (العندو دليل على فسادنا يجيبو).. وظلت هذه مقولته الأثيرة يرددها أمام الشعب (الطيب العوير) وكان المنافقون من حوله يصفقون له ويهللون.. ولكن في إجتماعات مجالس شورى (المؤتمر الوطني والحركة الإسلاموية) التي تم تصويرها، وكشفتها وأذاعتها (قناةُ العربية) كانوا (كلهم) يُقِـرُّون بالفساد، ويتهم بعضهم بعضاً، ويتلاومون!!
والبشير نفسُه، بعدما تم إعتقاله، ثم محاكمته، فإن التهمة الثابتة الوحيدة التي أُبتت عليه وحوكم بها -حتى الآن- إنما هي (الفساد، واللصوصية، وإحتياز أموال الشعب، وتخزينها تحت المَخدَّات، وفي الدواليب، والتصرف فيها بطريقة الهمباتة)..
• كان المسؤولون الحكوميون الإنقاذيون، وعلى رأسهم البشير، تقشعر أبدانهم من كلمة الفساد وتنتابهم (هستريا الرفض) التي تجتاح (الحرامي) عادةً الذي يعيش بين الناس بأثواب العفاف والطُّهرانية، فتراه ينفر من التهمة، ويتهيج كلما ذُكِرت، وهو تصرفٌ تلقائيٌّ معروف في عالم الإجرام، يستخدمه (الحرامية) كملاذ تخويفي (وتهويشي) آخير ليتستروا به قبل إفتضاح أمرِهم !!
• ولكن معلومٌ أنه لا تخلو الممارساتُ البشرية كلها من ضعف النفس في لحظاتٍ ما، ثم ميلها إلى إبتزاز الطرف الضعيف الذي يقع تحت رحمتها في كل المستويات، سواء في مخافر الشرطة، أو قاعات المحاكم، ودوائر التحقيق المختلفة، وفي السجون، لا بل حتى في المستشفيات، والمصحَّات، وفي المساجد، والكنائس، والجامعات، وفي دور العجزة والمسنين وذوي الإحتياجات الخاصة، حيث تبتزُّ الكوادر المقدِّمة للخدمة هؤلاء النزلاء والعُملاء بكل أشكال الإبتزازات الصغيرة والكبيرة، والتافهة والبشِعة، فلماذا يقشعر بدن حكومتنا هذه كلما جاءت سيرة الفساد والإبتزاز مما قد تكون مارسته بعضُ دوائرها ومؤسساتها وأفرادها، وتسارع إلى نفيِها بتهافت، ودون تريُّث، وكأنها حكومةٌ مشكَّلةٌ من الملائكة ؟!
• إننا كنا نفاخر بإستمرار، وحتى الآن، بحكومتنا هذه، ولكننا نُقِر في ذات الوقت أن أداءها في غالبِه مهزوزٌ جداً، لأن كوادرها التنفيذية مهزوزةٌ أصلاً لدرجة الخلخلة، وأنَّ إنجازاتها الداخلية لا تكاد تُرى بالعين المجردة، ووزراءها باهتون عموماً إلا الأقلين، ورئيسَ وزرائها ليس بمقياس زخم الثورة، وليس متشرباً روحها، وعنفوانها، وثقتها فيما يبدو، وبما يكفي.. ولكن، مع هذا، فإنَّ من محاسنها أنها (حكومتُنا نحنُ تماماً) نقول فيها ما نشاء، (ونملكُها) كلها من الباب إلى الشباك، وإن شئنا أبدلناها بغيرها، مع رئيس وزرائها، ولا نُبالي !!
• في ١٥ آغسطس الجاري، وعندما نشرت الصحف والأسافير أن ضابطين وأفراد شرطة تسوَّروا منزل أحد المواطنين، وأرعبوا أهله، ونهبوه، أصدرت الشرطة بياناً كان عدم إصداره خيراً منه..إذ لجأت الشرطة إلى الفذلكة القانونية، واللولوة، واللف والدوران، وفي النهاية لم تستطع أن تنفي أن بعض أفرادها قد مارسوا سطواً أو إعتداءً تحت تهديد السلاح مهما تفلسفت لتبرئتهم من تلك التُّهَم !!
• قبل أسبوعين، وعندما تفجرت قضية شيكات الشركة السودانية للمعادن، والتي نشرت الأسافير والصحف بعض صورِها، إستدعى رئيس الوزراء السيد مبارك أردول مدير الشركة للتحقيق معه، أو ربما لإستفساره عما حدث، ثم صدر بيانٌ من إعلام مجلس الوزراء أقرّ بمخالفة اللوائح في تلك الواقعة، ثم حاول (تَتْفِـيه وتقليل) تلك المخالفات، ثم لم تكُن بقية البيان إلَّا (لولوةً وورجغة) يُراد بها محاولة تبرئة السيد أردول، ومن معه من شُبهة الفساد التي ربما تكون قد شابت تلك الواقعة !!
• وقبل يومين فقط، زاد الهجوم على لجنة إزالة التمكين، ونشرت الصحف ما يشير بقوة إلى أن بعض منسوبي اللجنة ربما مارسوا إبتزازاتٍ فاسدة على بعض الأفراد والشركات التي يحققون معها، وعلى رأسها شركة صينية معروفة، وعلى الفور أصدرت لجنة إزالة التمكين، بياناً (مُلَوْلَواً) تركت فيه شبهة ممارسة منسوبيها للإبتزاز، وأنبرت في (هتافيات فارغة) تتهمُ فيها الثورة المضادة، وأن الواقعة ليست سوى إحدى المؤامرات التي تُحيكها ضدها، لأنها تمثل ضمير الثورة، ونبض الجماهير !!
• إننا نريد أن نذكِّر حكومتنا هذه، ورئيس وزرائها، وإدارة الشرطة، والجيش، ولجنة إزالة التمكين، وكل من يتولى منصباً مسؤولاً في حكومتنا هذه، نذكِّرُهم بشئٍ واحد وهو: أنَّ المسارعة بالنفي الهستيري الفوري لشبهات الفساد، والإبتزاز، وإستغلال النفوذ، الذي ليس مستبعداً أبداً أن يكون قد وقع، وسيقع من بعض الجهات الحكومية النافذة، والتهافت لتصوير هذه الحكومة كما لو أنها حكومة ملائكة، فهو فضلاً عن أنه غفلة وسذاجة وفساد في حدِّ ذاته، غير أنه أسوأ من الفساد والإبتزاز نفسيهما !!
• إنَّ على هذه الحكومة، ولجانها أن تفهم أنها تقع في مرتبة (الطيش) بالنسبة لطابور الوعي والشطارة التي يتحلى بها الشعب..وأنها يمكن أن تكذب على الشعب، ولكنها لا يمكن أن (تتشاطر) عليه، ومن ثمَّ فإنها عندما يبلغها أن (ذراعاً) مَّا من جسدها المهلهل قد أصبحت فاسدة، فلتعلم أن الشعب قد علم ذلك قبلها بزمنٍ بعيد، ولكنه فقط ينتظر ليرى إلى أي مدى تمارس حكومته عليه التغبيش واللولوة الساذجة والتهافت على تبرئة الفاسدين والمبتزين !!