اقترح خبراء اقتصاديون ، افكارا انقاذية يجب اتباعها لتعافي الاقتصادي الوطني ، واعتبروا ان استقرار السياسة النقدية الاساس المهم الذي يساعد على إستقرار الإقتصاد الكلي ، وظهر ذلك من خلال الاستقرار المالي الذي تشهده المصارف بعد حالة الافلاس التي كانت تعاني منها البلاد في الايام الاخيرة لحكم النظام البائد .
وفي مسعى لتوضيح اكثر حول دور السياسة النقدية تابعوا انها تسهم في التقليل من وطأة التغييرات في السوق وتقليص اثار الازمة الحالية المتمثلة في ارتفاع تكاليف المعيشة ، واشاروا الى اهميتها في تحقيق إستقرار الاسعار ودعم النمو وتوفير فرص التشغيل وتوازن ميزان المدفوعات ، بجانب استقرار المنظومة المالية وقيمة العملة ، وقالوا من غير الممكن تحقيق كل الاهداف في الوقت نفسه بواسطة السياسة النقدية وعليه فالسلطات العمومية تفاضل بينها حسب ما تقتضيه المصلحة والظرف الاقتصادي
وطالب الخبراء في إستطلاع لـ”التحرير ” باهمية إعتماد السياسة الانفاقية والساسية الضريبية ،و دعو المركزي باعتباره مسؤولا عن تدابير السياسات النقدية ان يعمد الى تكييف الكتلة النقدية باستمرار مع حاجيات الاقتصاد ويرو ان كمية فائضة من النقود مقارنة بحجم السلع والخدمات المعروضة تؤدي الى التضخم والعكس ،الامر الذي من شانه ان يؤدي الى الانكماش وادخال الاقتصاد في حلقة مفرغة
الاقتصاد الخفي
تتباين المعلومات حول حجم الكتلة النقدية من العملة الوظنية غير ان بعض المراجع تشير الى انه قد بلغت الـ(ثلثمائة ترليون جنيه ) ، وبعد ان تفاقمت ازمة النقد متمثلة في اختفائها من نطاق التداول ومن المصارف التجارية والمركزي في الحكم البائد ، اصبحت نسبة كبيرة من هذه الكتلة مكتنزة خارج التداول المشروع بين المواطنين وخارج النظام المصرفي ، وهو متداول في حيازة فئة محددة من الافراد الناشطين اقتصاديا فقط في نطاق معاملات الاقتصاد الخفي مثل المضاربة الامر الذي عطل سرعة دوران النقد في محيطه الطبيعي وبحب الخبراء بذلك تعطلت التنمية وتعطل تدفق النقد الاجنبي وعوائد المصدرين وتحويلات المغتربين وذهب المعدنيين الاهليين عبر القنوات الرسمية في المصرف المركزي لان هؤلاء المكتنزين هم الذين يشترونها في السوق الموازي “الاسود ” ، ويحولون دون تدفقها في القنوات الرسمية وكذلك اسهموا في حدوث انخفاض كبير في قيمة العملة الوطنية ودخولها في الوقت نفسه في نطاق الاحتكار والندرة فاصبح لها سعران في حالتي الكاش والشيك المصرفي
حلول صادمة
كان الحل الذي لا بديل له هو تبديل العملة الوطنية وهو حل بدونه لن يرى ضوء في نهاية نفق ازمتها ولم يكن يحتاج عبقرية لمن في يده القرار ، وكما ذكر الخبراء ان ما عطله في عهد الانقاذ ان الفئة المحدودة التي تكتنز هذه الكتلة النقدية كانت تنتمي عضويا ومتداخلة في ما تجني من غنائم “المضاربة ” مع اركان نظام الانقاذ اذ كانت ولا زالت جزءا اصيلا من نسيج مكوناته الاقتصادية ، ويروا ضرورة وجوب ارتباط تبديل العملة باجراءات ضرورية للنجاح في تحقيق اهداف اهمها توفير ضمانات سلامة اوضاع النظام المصرفي عبر ترافق توقيت تبديل العملة مع اجراءات وضعه في الحراسة العامة وتدقيق اوضاعه واعادة هيكلته
الرقابة على النقد
شرح الخبير المصرفي ” عثمان زين العابدين ، ان السياسة النقدية هي التدابير التي يتخذها البنك المركزي بالرقابة على النقد ، وهي على صله تامة بالاهداف الاقتصادية كـ”معدلات النمو ، استقرار العملة ، تخفيض معدلات التضخم والبطالة ، توازن ميزان المدفوعات ” ، متابعا ” من خلال هذ ا التعريف والنسب التي تحققت مقارنة بالنسب المستهدفة ، نجد ان معظمها لم تتحقق مثال لذلك فان النسبة المستهدفة للتضخم كانت ( 27% ) بداية العام الماضي ، بينما في الواقع نسبة التضخم فاقت الـ(80%) اما نسبة البطالة فلا توجد نسب حقيقية ولكن من المؤكد انها عالية لقلة فرص العمل
فشل ياة
وفي اشارة اخرى يؤكد زين العابدين فشلت السياسة النقدية في احداث زيادة موجودات البنوك حيث ان شح النقد في اواخر فترة العهد البائد اثر سلبا على ثقة العملاء واصبحت معظم الاموال خارج النظام المصرفي او تم تحويلها الى عملة اجنبية لحفظ القيمة مما اثر سلبا على الموجودات والتمويل ، ويحمد لادارة المركزي في العهد الجديد معالجة هذا الموضوع وعودة الحياة الى البنوك وهذا انجاز كبير يحسب للمركزي
مراجعات وحلول
يواصل الخبير المصرفي حديثه لـ”التحرير ” ، تاثر قطاع المصارف والقطاع الزراعي والمنتجين عامة لشح النقد في العهد البائد ، بالاضافة للمصدرين والمستوردين لانخفاض قيمة العملة المحلية ، وتوقع عدم حدوث تغيير كبير في السياسة النقدية بحلول عام (2022م) خاصة ان حكومة الثورة ورثت عبئا كبيرا وتعمل الان على ترتيب “البيت ” من الداخل وهي مهمة وصفها بالصعبة اثرت سلبا على الاقتصاد ، واشار الى معالجات سريعة وعائدها كبير منها الاهتمام بشريحة المغتربين اكثر لجذب كافة مدخراتهم عبر منتج صكوك بالعملة الاجنبية بعائد محلي مجزي يذهب كمصاريف لاسرهم في السودان ، بالاضافة الى وقفة جادة لمراجعة قطاع التعدين .
سياسة التقشف
يقول دكتور عادل عبد المنعم الخبير الإقتصادي ، لعبت السياسة النقدية خلال السنوات الاخيرة الماضية دورا بارزا في دعم النمو والتوظيف على حساب إستقرار الاسعار ، وعرفت البلاد خلال العام الاخير من عمر الانقاذ نسب تضخم عالية ادت الى تبني سياسات نقدية تقشفية وتميزت هذه السياسات بتطبيق اسعار فائدة مرتفعة جدا وقد اصبح مطلب استقرار الاسعار وتوفر السيولة هدفا اولويا تسعى وراءه حكومة الانقاذ ، وبلوغه يتم على حسا ب النمو فخلفت ورائها اعدادا غفيرة من العطالة وانعدام النقد في المصارف وقد طرحت خلالها العديد من العملات
ضبط النقد
اضاف عبد المنعم ، ان ضبط الكتلة النقدية المتداولة يتطلب التحكم في حجم التمويل المصرفي من خلال مستوى الاحتياطي الالزامي ويتعلق الامر بنسبة معينة من ودائع المودعين يتعين على المصارف التجارية ايداعها لدى المصرف المركزي ويؤدي الرفع من مستوى هذا الاحتياطي الى خفض السيولة النقدية للمصارف وحجم اموالها القابلة للاقراض وينعكس ذلك سلبا على قدرتها التمويلية للقروض ويحد من الكتلة النقدية المتداولة كما ان خفضه ينعكس ايجابا على القدرة التمويلية للمصارف ويزيد حجم الكتلة النقدية المتداولة مناديا للجوء الى عمليات السوق المفتوحة شراء وبيع السندات التي يقوم بها المصرف المركزي بهدف ضخ المزيد من النقود في الاقتصاد او التقليل منها
تحكم في الاسعار
يوضح الخبير الاقتصادي ، ان التحكم في اسعار الفائدة عبر تحديد معدل الفائدة المرجعي الذي تقرض به المصرف المركزي عند مستوى معين وبالتالي التاثير في سلوك الفاعلين الاقتصادين ” الاستثمار والاستهلاك ” وطلبهم على النقود بشكل غير مباشر حيث ان معدلا مرتفعا للفائدة يحد من قدرة الاسر على الاقتراض بغرض الاستهلاك كما يحد من قدرة المقاولات على الاقتراض بغرض الاستثمار ويؤثر عى حجم النقود التي يضخها النظام المصرفي على شكل قروض
قضية اساسية
بروفيسور الريح كمال استاذ الاقتصاد بجامعة النيلين يقول للسياسات النقدية لكافة الانظمة السياسية والاقتصادية على اختلافها هدف مشترك اساسي وهو التحكم في عرض النقود في الاقتصاد الوطني ، واداء التحكم فالقضية الاساسية والاهم هي الرقابة الائتمانية اي الرقابة المصرفية والجهة المسؤولة عنها البنك المركزي وذلك عبر ثلاثة ادوات تتحكم عبرها في عرض النقود وتؤثر بها على الطلب عليها وهي اداة السوق المفتوحة اي بيع وشراء الاوراق المالية او اذنات الخزانة وهي شهادات الاستثمار الحكومية مثال شهامة وامتصاص النقود من ساحة التداول والانفاق الاستهلاكي الى نطاق تعبئتها كمدخرات عبر بيع هذه الشهادات للمواطنين والشركات والمصارف ، مقابل ردها في خلال سنة مع فائدة مجزية ، فالنقود عندما تنتقل من نطاق الانفاق الاستهلاكي الى نطاق الادخار تكون قد اقتربت من مهمتها في تمويل الاستثمارات
سياسات متقاربة
ودعا بروف كمال لضرورة تحديد اداة الاحتياطي النقدي من خلال تحديد البنك المركزي نسبة معينة من الودائع للبنوك العاملة في النظام المصرفي لا تقرضها وتمسكها في خزائنها كاحتياطي قانوني تواجه بها الطلب اليومي الجاري ونسبة تعادلها تحتفظ بها لدى المركزي اي خارج التداول لمواجهة الطوارئ ، موضحا ان السياسة التوسعية في عرض النقود تؤدي الى تخفيض هذه النسبة اما السياسة الانكماشية فهي تتطلب زيادة هذه النسبة
ادوات بلا فائدة
يواصل كمال حديثه لـ”التحرير ” ان اداة سعر الخصم وهو سعر الفائدة التي يقرض بها المصرف المركزي المصارف التجارية او يقترض منها فقدت من الناحية الجوهرية في اقتصاد السودان القومي القدرة على اداء دورها بعد ان فقدت العملة الوطنية في السودان القدرة على اداء وظائفها الخمسة كونها مخزن القيم واداة لادخار ووظيفة بعد الادخار اوداة لتمويل الاستثمار فلم تعد مقياسا لقيم الاشياء بعد ان اصبحت فقط معيارا للسعر في المدى القصبر جدا وربما في يومه ، وقد فقدت النقود على نحو واسع النطاق فرصة التوسط في المعاملات الاجلة بسبب التضخم والانخفاض المستمر في قيمتها وقوتها الشرائية وسعر صرفها
تضييق الخناق
يضيف كمال ضرورة قفل سبل غسيل الاموال المكتنزة باجراءات اقتصادية وقانونية تحول دون تداول النقود في الفترة ما قبل التبديل في البيع والشراء على نطاق واسع ، وايقاف اجراءات كتابة وتوثيق عقود البيع والشراء لمبايعات ونقل ملكية الاسهم والسندات والاراضي والعقارات والسيارات والسلع المعمرة قبل مدة كافية من تاريخ تبديل العملة ، بالاضافة الى توفير فرصة صرف العملة البديلة عند الشروع في طرح العملة البديلة دون ابطاء للعاملين في الخدمة المدنية والعسكرية ولمؤسسات القطاع الخاص وشركاتها التي تتميز بسلامة اعمالها واوضاع ملفاتها الضريبية
احتجاز الاموال
وتابع كمال بجانب ذلك يجب احتجاز الاموال المشكوك في مصادرها ولا يستند اصحابها الى مصادر كسب في نشاطات اقتصادية واضحة مدعومة باسم عمل او شركة مسجلة او اسهم وملفات ضريبية على ان توظف هذه الاموال من المصرف المركزي في تمويل شراء تحويلات المغتربين وذهب التعدين الاهلي مقابل فائدة مصرفية لاصحابها تتراكم لصرفها لهم بعد توفيق اوضاعهم وتوفير ضمانات توجيه اموالهم للاستثمار الانتاجي بالاضافة الى تطوير وتسريع وتائر تطبيق الدفع الالكتروني في معاملات الناس كمحطات الوقود وغيرها وفي دفع الضرائب والرسوم وغيرها من الالتزامات الحكومية وربط مرجعية ومركز جباياتها حصرا بالخزينة العامة
اسعار مجزية
ترى نوال محمد احمد الخبير الاقتصادي ، ضرورة وضع اسعار صرف مجزية للمصدريين للسلع الاساسية المسموح بها كالماشية والقطن والصمغ العربي والحبوب الزيتية مع وضع سياسات واليات لمحاربة التهريب والتهرب الضريبي في معاملاتها وفي مقدمتها الاعفاءات الضريبة التي وصلت الى نسب كبيرة ينالها المتمكنون ومراجعة سياسة حقوق التجنيب وتحسين انسياب الاجراءات الادارية وتقليص ظلها ، ورفع مستوى الخدمات المقدمة للمصدرين في الموانئ واستعادة دور الدولة في نشاط الصادر عبر شركات مساهمة عامة تتشارك في اسهمهما القطاعين العام والخاص وكذلك اقامة شركات مماثلة في قطاع تجارة الاستيراد للدواء والدقيق والمحروقات والسكر