ببساطته وبابتسامة الوضيئة وموسيقى يعزفها نجله نادر يستقبلك الفنان السودانى مبارك عباس فى معرضه المتوهج . فن ولوحات فى غاية الجمال ، يغلب عليها الوجه الافريقى كثيمة مشتركة فى معظم اعماله التى تحتفى بالمراة والبيئة الافريقية احتفاء شديدا .
عندما هاتفتنى الزميلة العزيزة اريج الحاج لحضور افتتاح معرض صهرها وجدتها مناسبة جاءت فى وقتها للهروب من واقع الاغلاق الذى فرضه كرونا علينا لمدة عام ونصف ، ولم يخذلنى عباس اذ
بمجرد دخولك معرضه تشعر به يبث التفاؤل ويرفع الروح المعنوية ويفتح للامل ابواب كما غنى الفرعون .
وقبل شهور كان قد دعاني فنان من كولومبيا لحضور معرض افتراضي لاحد اصدقائه وقد شاركت لكى ارى كيف تكون استمرارية الابداع اثناء الحظر وكانت النتيجة محبطة !!
جميل ان يتفوق صوت الفن على صوت كرونا واجمل منه ان يدب نشاط المعارض وسط الدياسبورا السودانية ، ونامل ان يكون هذا المعرض بداية واعدة لمبادرات تكرس لنقل ملامح فنوننا للامريكيين ..وحقا هذا الجمال الذى تدفق فى نواحى فيرفاكس فى فرجينيا حرى به ان ينتقل الى نيويورك عاصمة الجمال وبقية المدن الامريكية تباعا !!
شهد الافتتاح اقبالا كبيرا من السودانيين ، لم يخيب عباس ظنهم إذ وجدوا فى اعماله الحس الفنى الكوشى حاضرا ، فشكرا لهذا الفنان العظيم الذى حول اعيننا عن المشهد العام المربك فى السودان لساعات .
كما اسلفت يرى المتامل فى المجموعات المتنوعة للوحات عباس العالية المستوى الانسان الافريقى والبيئة الافريقية كخيط رابط بينها . هو يطوع الالوان والخطوط والمساحات بمهارة ويرسم الحياة من خلال شخوص بسيطة..
الفكرة والمعنى والحس لدى هذا الفنان تشعر بها قريبة منك .. افكاره ووجوهه المبسوطة على اللوحات مألوفة لديك لدرجة انك تريد ان تمد يدك لمصافحتها وتبادل فنجان قهوة معها .
ان محاولة كشف اسرار لوحاته وسبر غور ثيماتها الجمالية ومؤثراتها ستقودك للانجذاب نحوها اكثر و عقد صداقة ابدية عميقة معها لانها تعبير عن ذاتك وانطباعاتها وشحناتك الانفعالية ايضا ، ترى وجوهه فتباغتك الام واحلام الافارقة وكفاحهم من اجل الحرية والحياة الكريمة.
الاحباط الذى يخيم على السودانيين بعد الثورة العظيمة يحتاج لخطاب تشكيلى كالذى رايته امس يزاحم بكثافة الخطاب السياسى المعتل .
خيبة الامل التى يشعر بها السودانيون مما يحدث فى بلادهم فى حاجة لمعادل كهذا الضرب
من الفنون لكى يعدل المزاج العام ويشيع الابتهاج . انها فجوة يتعين سدها بالفنون والنقاد الذين تطغى اراؤهم على كتاباتنا الانطباعية !!
احيى فناننا مرتين ، الاولى لامتاع ناظرينا ، والثانية لوضوحه الشديد والحاسم فى سؤال الهوية والتبعية !!