قالت مصادر مطلعة في النيابة العامة، إن النائب العام المكلف مبارك محمود عثمان تلقى إشارات إيجابية من نظيره المصري بالتعاون في تسليم مدير الأمن والمخابرات السابق صلاح عبد الله الشهير بـ (قوش)، وآخرين من عناصر النظام المعزول هربوا إلى مصر عقب الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير في أبريل 2019. وكانت السلطات المصرية رفضت طلباً للنائب العام السوداني السابق تاج السر الحبر بتسليم قوش، ثم شرعت الخرطوم في إجراءات استرداده عبر الإنتربول الدولي في بلاغات جنائية تتعلق بالإرهاب والفساد المالي والثراء الحرام المشبوه وتعذيب المعتقلين إبان اندلاع الاحتجاجات في البلاد عام 2018.
ونقلت تقارير صحافية مطلع في سبتمبر الحالي، أن المكتب الوطني للإنتربول في السودان طلب من الشرطة الجنائية الدولية تفعيل النشرة الحمراء لتعقب مدير جهاز الأمن والمخابرات وتسليمه للسلطات السودانية. وطلب الإنتربول من مدير إدارة الشرطة الجنائية العربية والدولية بالقاهرة إلقاء القبض على قوش، بعد تحديد موقعه بدقة، وتسليمه للعدالة في السودان، لمواجهة عدد من البلاغات الجنائية.
ورغم أن الكثير من الناس يعتقدون أن صلاح قوش هو رجل أمريكا الأول في السودان والمنطقة إلى جانب بعض الشخصيات السودانية الأخرى إلا أن السلطات الأميركية حظرت دخول صلاح قوش للأراضي الأميركية، وأرجعت قرارها إلى اتهامه بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. وذكرت الخارجية الأميركية وقتها في بيان، أن لديها معلومات موثقة بأن صلاح قوش كان متورطاً في عمليات تعذيب أثناء رئاسته وعمله في جهاز الأمن والمخابرات الوطني، ما يجعله غير مؤهل لدخول التراب الأميركي.
وعقب الإطاحة بنظام الرئيس المعزول عمر البشير حاول صلاح قوش السيطرة على الأوضاع وأحدث الكثير من البلبلة حتى تم فرض الإقامة الجبرية عليه في منزل عقب قبول إستقالته. إلا أنه تمكن من الهرب ليعلن بعدها إقامته في مصر. وطوال الفترة السابقة حاول قوش استهداف قيادات الفترة الإنتقالية وأبرزهم النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو. وعندما فشلت مؤامراته سعى لتصفيته وهو خبر صاعق ضجت به وسائل الإعلام عندما أعلنت تعرض دقلو لحالة تسمم في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان إبان قيادته لمفاوضات السلام مع حركات الكفاح المسلح.
ثم جاء الحدث الأخطر عندما إتهم دقلو، صلاح قوش، بالتخطيط لإحداث تمرد أفراد بهيئة عمليات جهاز المخابرات. وقال دقلو حينها أن ما حدث مخطط للفتنة مدروس يقف وراءه صلاح قوش عبر ضباط في الخدمة والمعاش ضمن مخطط مواكب الزحف الأخضر في الخرطوم وبعض الولايات لإطاحة الحكومة الإنتقالية.
ويقول خبراء ومحللون سياسيون أن مخططات قوش للعودة إلى إدارة حكم البلاد باءت بالفشل لأن كل الأبواب مغلقة أمامه ولن يستطيع فعل شيئ لأن فقد معظم أراضيه وحلفاءه بسياساته التآمرية وتسريباته التي حاول عبرها حرق كثير من الشخصيات بمعاونة عملاء بالداخل والخارج. وأضاف الخبراء أن المرحلة تجاوزت صلاح قوش تماماً بعد نجاح دقلو في توقيع إتفاق سلام مع حركات الكفاح المسلح ومحاصرة توابعه. والآن تضيق الحكومة الخناق عليه لتسليمه لإنهاء الصداع الدائم. وأكد الخبراء أن خطوة أمريكا بمنع قوش من دخول أراضيها ربما كانت خطوة تمويهية لإبعاد شبهة علاقة قوش بها حتى لا تفسد خططها للسيطرة على الحكومة الحالية. وتوقع الخبراء أن تمضي خطوات تسليم قوش نحو نهاياتها وتقديمه لمحاكمة عادلة جراء ما أرتكبه من إنتهاكات طوال الفترة الماضية.