خطة الباحثين عن الفوضى لم تنجح عبر تسعة طويلة أخطف واهرب، فتحولوا للخطة ب اخطف واطعن حتى الموت، ثم تحولوا للخطة ج اخطف واقتل ومزق الجثة، وستصل الخطة للمرحلة دال وهاء وواو في ظل ضعف وارتباك اجهزة الشرطة والامن والجيش وتواطوء بعض خلايا الكيزان وسدنة الشمولية داخلها، وفي ظل وجود صحفيين يمارسون سياسة الالهاء بوعي او بدون وعي، وفي وجود صف طويل من المغفلين النافعين من المعارضين للسلطة من الثوار الذين ينشرون تفاصيل الفوضى من خطف وطعن وقتل وتمثيل بالجثث على أوسع نطاق بصورة تثير الهلع والرعب وسط المواطنين وتصور الوضع وكأن السودان قد أصبح غابة تسكنها الوحوش، لغرض فضح الحكومة.
الخطة محكمة وواضحة لكل ذي بصر وبصيرة، والهدف منها هو احداث سلاسل من الفوضى تحبط الجماهير وتقودها منكسة الرؤوس لمرحلة التوسل من أجل استيلاء العسكر على السلطة، وإعادة الثوار جميعا -من هم داخل الحكومة ومن هم خارجها- لبيت الطاعة الدكتاتوري، حيث يعاد إغلاق البلاد وحكمها بقوانين الطواريء، وقانون shoot to kill وقاعدة أكسح أمسح ما تجيبه حي.
لم نتعلم شيئا من التاريخ اذا استجبنا لهذا المخطط وتركناه يمضي بكل هذه الاريحية، لا نستحق لقب الشعب مفجر الثورات وأستاذ الشعوب الباحثة عن الحرية ان استسلمنا مجددا وبهذه البساطة لهذا المخطط البائس الذي تصرف من أجله الأموال وتحبك الخطط وتوزع الأدوار، ويتم تجنيد المغفلين والمحتاجين والحانقين من أجل المشاركة فيه.
مخطط الفوضى لا يقف عند القتل وتسعة طويلة والسرقات، بل يتضمن الفوضى السياسية عبر اثارة مجموعات الفتن القبلية والجهوية ودعمها سياسيا، ويتضمن ايضا للاسف غباء الحاضنة السياسية للحكومة التي تؤجل بوعي او بدونه تنفيذ استحقاقات الوثيقة الدستورية واستحقاقات اتفاقية جوبا للسلام، فتزيد الاحتقان وتفتح الابواب للفوضى.
يتضمن مخطط الفوضى كذلك تفريخ الظواهر الصوتية والاسفيرية، والتي وصلت هذه الأيام لمرحلة تسليط الضوء وتضخيم ظاهرة الانفصالي عبدالرحمن عمسيب مكتشف دولة البحر والنهر، النسخة المعدلة اعلاميا من مشروع الانفصالي الطيب مصطفى، عمسيب الذي يريد ان يجر ساعة السودان التاريخية لقرن ونصف إلى الوراء ويلغي بجرة من قلمه الثورة المهدية التي هزمت أعتى الإمبراطوريات بوحدة أهل السودان في الشرق والغرب والوسط والشمال والجنوب.
أمثال ظاهرة عبدالرحمن عمسيب موجودين كذلك بالمقابل في بعض لايفاتية دارفور، كل هؤلاء العمسيبات يسوقون لخطاب مليء بالكراهية ومشحون بالنعرات العرقية والجهوية، وهو خطاب موجه لتفخيخ الواقع الانتقالي وتصويره أمام الجماهير كواقع فوضوي لا يأمن فيه المواطن على نفسه ولا يعلم إلى أين المصير، خطاب الانفصاليين الجدد يستهدف تمزيق الوشائج والصلات بين أبناء الوطن الواحد، الصلات التي تحولت عبر التاريخ والزمان إلى روابط دم ومصاهرة وصداقة وزمالة في السلم والحرب وفي المدارس والمساكن والمساجد والجامعات. فجاءت مهزلة عمسيبات آخر زمن من الشمال والغرب ليلغونها بجرة قلم لا لشيء إلا لاغراق السودان في المزيد من الفوضى والارتباك لمصلحة الشموليين والانفصاليين وأصحاب الضمائر السوداء.
كثير من مظاهر الفوضى المصنوعة هذه روضتها الشموليات بقوة القهر والسوط، فهل صرنا عبيدا للسوط وخدما للقهر؟ ما هذا يا شعب السودان؟ لماذا تتراجع دوما في الأمتار الأخيرة من بناء دولة القانون والوحدة والديمقراطية؟ وتستسلم للجلادين؟ لماذا يخدعونك بفرية الأمن والأمان وبتدهور الأوضاع؟ لماذا تكافح وتناضل سنينا، تطلق الثورة وتطيح بالدكتاتور ثم ترقد تحت أقدام ذبانيته؟ أي عيب هذا وأي نقص فيك عن التمام وانت الأقدر والاجدر؟ انهض يا شعب السودان واحدا متحدا، تحرر من قيود الاحباط والاستسلام وقاتل من أجل غدك الأفضل، غد الوحدة والحرية والديمقراطية، لا تترك احلامك في قارعة الطريق للصوص، احرسها بالروح والدماء.
هذا الدرب طويل بلا شك ومتعب ولكنه درب القمة، ومنذ متى كان الصعود إلى القمة سهلا وميسور؟ واصل المسير ياشعبي واحدا متحدا وان غالبك اليأس والتعب فتذكر وصية ابنك الشهيد عبدالعظيم ( لقد تعبنا يا صديقي ولكن لا يمكننا الاستلقاء أثناء المعركة).
يوسف السندي
sondy25@gmail.com