تزايدت خلال الفترة الأخيرة المطالب بتغيير العملة السودانية وطباعة عملة جديدة للسيطرة على السيولة النقدية، التي يتم تداولها خارج المظلة المصرفية والضريبية؛ والتي تقدر بأكثر من 900 تريليون جنيه، أي نحو 90 بالمئة من إجمالي حجم النقد المتداول في البلاد. وخوفا من الرقابة يحتفظ بعض التجار بأموال طائلة خارج المصارف ويستخدمونها في أنشطة ومضاربات لا تخضع للرقابة الحكومية وسط شكوك عن عمليات مشبوهة في قطاعي العقارات وتجارة العملة. وتسببت تلك الوضعية في خلل اقتصادي واضح تبرز أهم ملامحه في تدهور قيمة صرف العملة الوطنية.
وفي الآونة الأخيرة أسهمت سياسات جبريل ابراهيم وزير المالية في الحد من التدهور المستمر للعملة عبر تحرير سعر الصرف فقضى تقريباً على السوق السوداء مما حقق إستقراراً ملموساً في كثير من مناحي الحياة. وقالت وزارة المالية والتخطيط الإقتصادي في تعميم صحفي أن ثمار الاصلاح الاقتصادي بدأت تأتي أُكلها بشكلٍ قوي، وذلك عقب الاجراءات الاقتصادية الصعبة التي انتهجتها الحكومة . وقالت المالية إن معدل التضخم بدأ في التراجع وذلك بعد الاستقرار الذي شهده سعر الصرف، وقد تباطأ بشكل ملحوظ في أغسطس إذ سجل معدل 387.56% مقارنة بمعدل 422.78% في يوليو 2021. وتوقعت الوزارة بحسب التعميم مزيداً من الإستقرار في ظل الإجراءات والسياسات التي تقوم بها وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان المركزي، ووزارات القطاع الاقتصادي. وأشار التعميم إلى أن موزانة عام 2022 سوف تحمل بشريات كبيرة للشعب السوداني من حيث تحقيق الاستقرار والازدهار الاقتصادي الشامل.
وقال الخبراء أن النجاح الذي حققته المالية ووزيرها جبريل إبراهيم يجب أن يشجع على إتخاذ المزيد من القرارات الشجاعة التي من شأنها إصلاح الإقتصاد بصورة أكبر بعد إزالة التشوهات العديدة التي أصابته. وقال الخبراء أن إستبدال العملة والإستجابة للآراء الداعية للتغيير من شأنه أن يعزز من هذه الخطوات حتى وإن كانت التكلفة عالية فيجب أن نخوض التجربة وهناك الكثير من الحلول التي يمكن أن تتم من أموال المانحين أو الإستدانة من النائب الأول لرئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو الذي بفضل جهوده في تحقيق السلام أتى بعقول وشخصيات مثل د. جبريل حققت الكثير من الإصلاحات في الآونة الأخيرة. وللنائب الأول تجربة سابقة في دعم خزينة بنك السودان الخاوية عندما أودع ملايين الدولارات لتوفير الدقيق والمحروقات والدواء في بداية الثورة.
ويرى محمد شيخون أستاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية أن مفتاح حل الأزمة الاقتصادية الحالية يكمن في السيطرة على النقد المتداول خارج القطاع المصرفي والذي يشكل عقبة حقيقية أمام تقدم اقتصاد البلاد. ويؤكد شيخون لموقع (سكاي نيوز عربية) أن أي جهود لإنجاح السياسات النقدية لن تجدي نفعاً إذا لم يسيطر بنك السودان المركزي على السيولة المستخدمة في السوق. ويوضح: (تريليونات الجنيهات يتم تدويرها بعيداً عن المظلة المصرفية والنظام الضريبي في مضاربات وأنشطة تضر باقتصاد الدولة؛ كما تسهم تلك النقود غير المسيطر عليها في زيادة معدلات التضخم وتحدث خللاً كبيراً في معادلة العرض والطلب).
إذن تغيير العملة صار ضرورة ملحة ينادي بها المواطن وخبراء الإقتصاد لمحاصرة الكتلة النقدية التي تتجمع في أيدي بعض مخربي الإقتصاد ومن يعملون في الخفاء لضرب الإقتصاد عبر تجارة العملة والمضاربات في الأراضي والسيارات وغيرها وعبر التغيير ستسيطر الحكومة على حجم الأموال خارج الأطر المصرفية وتحقق قفزة هائلة في طريق الإصلاح الإقتصادي.