المطالب التى من اجلها يصعد اهلنا فى دلقو احتجاجاتهم جديرة بالتأمل . وتفرض على الطليعيين الحوار مع المحتجين لاصلاح الخطأ فى عمل الجماهير . اول الملاحظات ان مجمل هذه المطالب ذات طبيعة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالظل الادارى المحلى . وفى هذه الحالة لا يجوز توجيه اللوم للمتحجين بينما الشخص الادارى الجالس فى قمة الهرم الادارى يرفض مجرد الاستماع اليهم ، هل يعقل ان يسافر وفد قوامه مائة رجل لدنقلا لمقابلة والى الشمالية وفى مكتبها يطول انتظارهم لساعات لان السيدة الحاكمة لا تستظرف وجوههم ثم يطلب منهم الرحيل ، هل هناك اذلال اكثر من هذا ؟
نعم نحن ضد قفل الطريق لكن رفض الوالى مقابلة الوفد لطمة فى وجوهنا جميعا ..تخيل ان يترك مائة انسان بيوتهم واسرهم ويسافروا لهم متصل بحياتهم ويتمنع حزب المؤتمر السودانى ويصفعهم !!
عندنا فى امريكا لو ذهب مائة شخص لمقابلة مسئول واهانهم هذا المسئول ورفض الاستماع اليهم سى ان ان وان بى سى وبقية اجهزة الاعلام تقطع ارسالها وتغطى حراكهم لايف .. هل جاء هؤلاء الرجال لدنقلا لانه يعجبهم جمال والى الشمالية والنور الذى يشع من وجهها ؟!
هولاء عندهم قضية وعلى الشخص الذى يجلس على كرسى الحكم ان يستمع اليهم او ان يعود الى بيته ليرى ان كان الجن الازرق سيأتى لازعاجه !!
ترفض والى الشمالية التلاحم مع الجماهير لانها تستمع فقط لمنسوبى حزب المؤتمر السودانى وحدهم رغم ان عدد عضوية الحزب فى المنطقة لا يتحاوز اصابع اليد الواحدة اكرر الواحدة وليست الاثنتين ، وهو نفس الاقصاء والتهميش اللذان كان يمارسهما حزب المؤتمر الوطنى .
والى الشمالية تتحمل وحدها مسئولية توالى الاحداث فى دلقو عاصفة وصولا لقفل الطريق الذى ينال عدم ارتياحنا . وحسب متابعتى كانت بداية التذمر تخاشنا مع اثنين من منسوبى حزب الموتمر السودانى بالمنطقة مع مقاومة دلقو قبل شهور ، هل المحاصصة الحزبية التى منحت حزب المؤتمر السودانى منصب والى الشمالية تعنى مباشرة ان يكون لمنسوبى حزب المؤتمر السودانى فيتو فى قضايا المنطقة واكثر من ذلك تحويل المنطقة لمكان ندي ورطب يستفيد منه منسوبو حزب المؤتمر السودانى وظائف وسيارات .. بأمارة ايه يحق لهم ان يكون لهم القول الفصل فى شئون المواطن ؟ غير انهم للاسف فى التحام مع اعداء الثورة يتضافرون معا لخلق هذا الجو الذى يتسبب فى اثارة الجماهير ونرفزتهم .
ادانة قفل الطريق يجب الا تنسينا ان المحاصصات الحزبية هى التى ضاعفت مرارات الجماهير وتدفع بها للانفجار . كان على اهل دلقو اضافة بند جديد ضمن مطالبهم يطالب بابعاد منسوبى حزب المؤتمر السودانى نهائيا عن مكتب الوالى وفروع الادارة المرتبطة بمصالح المواطنين صغرت او كبرت !!
ولاحظت ضمن مطالب دلقو بنودا تطالب بحقوقهم من عائدات التنقيب وهى مطالب عجيبة لان اهل دلقو من اكثر المحتجين من تداعيات التنقيب واثاره المباشرة على صحة انسانهم وبيئتهم وبيوتهم واسواقهم ومستشفاهم ناهيك عن مخاوفهم من التغيير الديمغرافى ، كم تساوى هذه العائدات مقابل فقدان صحة الانسان وامانه وبالتالى ضياع مستقبله..؟ مثل هذه القضايا يجب الا تغطى عليها احداث قفل الطريق. هذه قضايا مهمة تتطلب عملا شاقا من الحادبين .
بالنسبة للمطالب المتعلقة بالمحلية وصراع الشرق والغرب ومع فشل كل المحاولات لاحتوائها يجب ان يتوجه تفكيرنا نحو توفيرعبور آمن للمنطقة باتجاه توفير الظروف المناسبة لاجيالنا القادمة لكى يتعايشوا وينتجوا الحضارة متحدين كما كانوا قبل ان ياتى كيزان المحس لتقسيمهم وتصنيفهم غربيين وشرقيين ، اذا سالت العقل الراجح فى المنطقة عن وسيلة لتخطى هذا الازمة سيكون رده انه مثلما سقط جدار برلين بقرار الشعبين الالمانيين فان الغاء كل المحليات والوحدات بجرة قلم على الفور وابتكار وسائل ادارة يتوافق عليها الناس بالاستفادة من تجارب الشعوب سيكون القرار المناسب لاسقاط جدار العار الذى شيده الكيزان .
حسب متابعتى فان حراك دلقو بعيد عن مؤامرات الكيزان وكيان الشمال . لكن عدم التعاطى معه بحكمة تتوخى تدعيم الحراك الذى يمثل صوت الجماهير سيشجع الكيزان على البحث عن موطىء قدم هناك.
المطلوب بالحاح هو اطلاق مبادرات شعبية من الاتحادات والمنظمات والجماعات والافراد لفتح حوار جاد مع المحتجين فى دلقو واى مكان اخر حول قضايا المنطقة بغية خلق توافق حولها بعد ترتيبها حسب الاولوية .
لقد هللنا عندما قفل اسود صواردة الطريق من قبل وصفقنا لهم لان التوقيت كان مناسبا ، وكان على بواسل دلقو ضبط ساعاتهم مع الثورة لكى لا يستفيد منها اعداء الثورة !!
نظرت الى وجوه المحتجين واحزنني ان الصور لم تظهر اقمار دلقو اسحاق وبكرى سيد همد ، اكيد ارواحهما تطوف هناك ، رعى الله دلقو من كوديركى الى ساقية بدرينتود ، وجعل خيامها المنصوبة للاحتجاج ساحة للحوار السلمى العقلاني العميق والذى يستهدف تحسين بيئة وحياة انسانها فى كل المجالات لترثها الاجيال القادمة نظيفة ومشرقة وممتلئة حيوية على ذات الحالة التى غنى لها فيها العملاق ود النقى ( النسيم فى دلقو هباب )