نقطة.. سطر جديد

نقطة.. سطر جديد
  • 01 أكتوبر 2021
  • لا توجد تعليقات

رمزي عبد العزيز المصري

ازدانت الخرطوم وكعادتها أمس بحشود بشرية ضخمة أتت من كل حدب وصوب، وهي تهتف للمدنية والديمقراطية، ورفضًا لأي محاولة نكوص عن طريق الحكم المدني.
والإصرار على استمرار الفترة الانتقالية حتى تصل الى نهاياتها الطبيعية بعيدًا من أي مارشات عسكرية تقطع هذا الطريق .
هذه هي الرسالة التي أرسلتها الجموع التي احتشدت أمس في شوارع الخرطوم.
مخطيء من يعتقد أن رسالة الجماهير أمس كانت في بريد تنظيم معين أو حزب بعينه أو حتى مجموعة محددة .

الرسالة كانت في بريد الكل وعلى الكل أن يفهم ويعي الدرس تمامًا .
إذن المجموعة الحاكمة سواء كانت من المكون العسكري أو المدني هم في مأزق تاريخي لو يفهمون أو يقدرون الأمر حق تقديره، واذا لم يستجيبوا لرسالة الجماهير التي كانت واضحة وضوح الشمس في كبد السماء .

حمدوك التقط إشارة الجماهير بذكاء وارسل إجابته فورا، وقال وبالحرف الواحد ( الفترة الانتقالية تنتابها بعض الفوضوية) وذلك باتساق حتى ولو لم يكن مباشرا مع بعض تلميحات المكون العسكري .

المكون العسكري زاد في الكيل وكعادته عاد بنا مرة أخرى لبدايات الثورة، وقبل التوقيع على الوثيقة الدستورية، وتلك الاجتماعات التي كانت تعقد مع الإدارات الأهلية وشيوخ الطرق الصوفية والأحزاب المتساقطة من المؤتمر الوطني، وكلكم تذكرون تهديداتهم بتكوين حكومة مدنية من جانبهم، والاعلان عن انتخابات عامه خلال سنة واحدة. الآن المكون العسكري وصل في تراجعه إلى نفس المربع الذي كانوا يقفون فيه قبل توقيع الوثيقة الدستورية.

اذا قرأنا تصريحات حمدوك مع تصريحات البرهان سنكتشف أن مواقفهم تتفق في نقطة مهمة وهي ضرورة تغيير الحاضنة السياسية . هذه هي الرسالة التي يجب أن يستوعبها المتكالبون على السلطة الآن، ويجب على هؤلاء أن يفهموا أن مواكب الامس لم تكن مطلقا تأييدا لهم وحدهم. المواكب خرجت لتثبيت دعائم الحكم المدني، وليس لتثبيتهم هم في كراسي الفترة الانتقالية.

لذلك قلت أن جميع من يجلسون على كراسي الحكم هم في مأزق تاريخي اذا لم يفهموا رسالة الجماهير بطريقتها الصحيحة
الوقت لم يعد مناسبا للاصطفاف ويعقبه اصطفاف مضاد .

إذن ما العمل في ظل هذه الأجواء الملبدة بالغيوم الكثيفة؟
ببساطة الحل في العودة الفورية وبلا تهاون أو تردد لمنصة التأسيس الأولى لقوى الحرية والتغيير وإعادة بنائها مهما كلف الأمر من تضحيات وتنازلات من جميع الأطراف وبلا استثناء . هذا هو الحل المتاح للجميع وبأقل الخسائر .

في تقديري اي تفكير خارج هذا الصندوق سيكلف الجميع ثمنا باهظا والجماهير التي خرجت أمس ستخرج مرة أخرى بل مرات أخرى (وستكنس) الجميع من المشهد بعسكرييها ومدنييها فليذهبوا جميعهم غير مأسوف عليهم، وتبدأ الجماهير ثورتها من نقطة الصفر ومواكب الامس أثبتت أنها قادرة على ذلك . وسيبقى حمدوك منفردا لأنه هو الوحيد الذي نجح في استيعاب رسالة الجماهير بطريقة صحيحة .

إلا هل بلغت …ألهم فاشهد

وكان الله في عوننا.

التعليقات مغلقة.