الخرطوم – التحرير:
أثارت الدعوة التي أطلقها وزير الاستثمار السوداني مبارك الفاضل المهدي إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل ردود أفعال واسعة، خصوصاً أن مبارك هاجم الفلسطينيين، واستنكر ذلك عدد من الجهات الرسمية والشعبية داخل البلاد وخارجها. ولقراءة مواقف القوى السياسية السودانية، استطلعت (التحرير) آراء بعض قيادات الأحزاب، ومحللين سياسيين حول تلك الدعوة.
برمة: الهدف.. أميركا:
نائب رئيس “حزب الأمة القومي” اللواء فضل الله برمة ناصر قال لـ (التحرير): ” إن أي حديث عن التطبيع مع إسرائيل، التي تحتل الاراضي الفلسطينية، بدون حل القضية الفلسطينية، بناء على قرارات الامم المتحدة، فهو لا يعدو أن يكون ذراً للرماد في العيون، ويجب عدم التكالب بهذه الصورة على مسألة التطبيع مع الدولة اليهودية، وهي تمارس ظلمها على فلسطين”، ورأى أن دعوة مبارك تعمل على التقليل من (أهمية) القضية الفلسطينية ، فضلاً عن أنها تمثل تنازلاً عن الحقوق، وليس تطبيعاً كما يدعي صاحب الدعوة، ونوه برمة إلى أن هذه الدعوة تهدف أساساً إلى ايجاد مدخل لتوطيد العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية.
عبد الرازق: روح انهزامية
يرى القيادي بحزب “المؤتمر الشعبي” أبوبكر عبد الرازق أن مبارك الفاضل لا يتبنى خياراً إسلامياً كأطروحة سياسية أو ثقافية، وهو لا يعد الفكر الإسلامي مرجعاً بالنسبة إلى تقديراته السياسية، وأن مرجعيته السياسية تقوم على نظرية المصالح السياسية، التي تقول “لا عداوة دائمة وانما مصالح دائمة”.
وأضاف أن مبارك لا يمثل حزب الأمة، هو يمثل شخصه، وفند عبد الرازق في قراءته لـ (التحرير) ادعاء مبارك بأن العلاقة مع اليهود لا تقوم على أسس دينية، قائلاً: “إن ذلك الادعاء خاطئ، ويعبر عن انعدام المعرفة بطبيعة القواعد التي تحكمنا مع أهل الكتاب، ومع الذين يخالفوننا فكرياً”، وشدد على أن الموقف من إسرائيل يجب أن يقوم على المجابهة، لأنها دولة مغتصبة أرض فلسطين وعدوة للمسلمين، وقال: “إن الدعوة التي أطلقها مبارك تعبر عن روح انهزامية، وليست لها علاقة بالثقافة العربية والإسلامية”.
الدومة: تحقيق الأغراض
المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية الدكتور صلاح الدومة يرى أن الأمر (التصريحات المؤيدة للتطبيع) أشبه بالموضة، وقال إن كل من يرغب في تسيير أحواله على المستوى المحلى والإقليمي عليه أن يتزلًف لإسرائيل، وأشار الدومة في حديثه لـ (التحرير) إلى أن هذا التزلًف قد يأخذ اشكالاً كثيرة جداً، منها ما هو مادي وما هو معنوي وما هو اجرائي وما هو شكلي.
ولفت إلى أن هنالك تسابقاً للارتماء في أحضان إسرائيل، وقد سبق الفاضل إلى تلك الدعوة شخصيات كثيرة منها القيادي بحزب “المؤتمر الوطني” قطبي المهدي، والوالي السابق لولاية القضارف كرم الله عباس وغيرهم ممن سعوا إلى التزلف لإسرائيل.
التجاني: تصريح صادم
رئيس حزب “البعث العربي الاشتراكي” التجاني مصطفى، قال: “إن دعوة مبارك للتطبيع مع اسرائيل تشكل منتهى الخطورة، كونها تصدر من وزير ومسؤول في الدولة”، وأشار إلى أن خطورتها تعدّ أكبر، لأن التصريح لن يحسب على أنه صدر من فرد عادي، بل صدر من رجل مسؤول في الحكومة، وقال التيجاني لـ (التحرير): “كان الأولى لمبارك أن يطرح اقتراحه هذا داخل أجهزة الحكومة، واذا ما وجد القبول، فمن الممكن عقب ذلك أن تتاح له الفرصة للحديث عن الأمر”.
كما أشار إلى أن تصريحات مبارك فيها مساس بتاريخ وسمعة الشعب السوداني، وأضاف: “ربما تكون الحكومة قد سمحت للفاضل بأن يصرح بمثل ذلك التصريح، بهدف جس النبض، وإلا فإن محاسبته على ذلك التصريح تصبح واجبة”، وخلص إلى وصف تصريحات مبارك بـ “الجريمة، لأنها صدرت من مسؤول في دولة مقاطعة لإسرائيل، منذ أن نشأت، فضلاً عن مشاركة الشعب السوداني في الحرب ضد اليهود في فلسطين المحتلة، وقال: “حتى الآن توجد قرية بفلسطين باسم السودانيين الذي حاربوا إلى جانب الشعب الفلسطيني، وبعد كل هذا يتجاهل (مبارك) ذلك التاريخ”.
وأكد رئيس حزب “البعث” أن التصريح كان صادماً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وأي إنسان لديه ذرة من الوطنية والإحساس بعظم الجرائم التي ترتكبها إسرائيل يومياً بحق الفلسطينيين لن يقبل بذلك، ودعا الحكومة إلى اتخاذ موقف واضح وصريح من تصريحات مبارك، فإما أن تكون مع تلك التصريحات، أو ترفضها وهنا عليها محاسبة مبارك محاسبة عسيرة حيال ما بدر منه.
توفيق: استنكار ورفض
مسؤول الدائرة السياسية بحركة “الاصلاح الآن” أسامة توفيق استنكر في حديثه لـ (التحرير) دعوة مبارك لتطبيع العلاقة مع إسرائيل، مؤكداً أن ذلك الأمر مرفوض من قبلهم، لأن إسرائيل دولة تمارس احتلالها على فلسطين، وتعادي من يقف إلى جانب الدولة الفلسطينية، وأشار إلى دور مبارك الفاضل في قصف الولايات المتحدة الأمريكية مصنع الشفاء بذريعة أن المصنع يصنع اسلحة كيميائية، وهو ما ثبت عدم صحته.