لو رفعت حجرا في السودان لوجدت تحته ثوارا يستعدون لمليونية ٢١ اكتوبر، هذا هو الوضع الآن في السودان، وضع مشابه تماما لما حدث قبل ٦ أبريل ٢٠١٩، وصمت مليء بكل شيء كما حدث قبل ٣٠ يونيو ٢٠١٩، لذلك على الذين يريدون أن يعيدوا هذا السودان مرة أخرى لعهود العسكر والخنوع، والذين يعتصمون اليوم أمام القصر الجمهوري، عليهم ان يستعدوا ليروا المليونيات ( الجد جد) والهتاف المزلزل، والنساء والرجال السمر الميامين، ملح الارض، تيجان الفخار، الذين لا تشتريهم الأموال ولا تحملهم البطون ولا يذلهم الجوع، شامخين كجبال توتيل أمام النائبات، مستقيمين كالنخل امام الاعاصير، عميقي الجذور كالتبلدي في حب هذا التراب، واسعين كالحقول الخضراء في قلب الجزيرة، بينهم وبين الأرض والنيل تراتيل من الثورة وعنفوان من الكبرياء.
من هؤلاء خرج عبدالعظيم، كالطود الاشم يقف امام الرصاص، من بينهم خرج الشهيد بابكر تحت زخ الرصاص يهرع لاسعاف الجرحى، كالمئات من الشهداء الذين سقت دماءهم هذه الأرض الطيبة، أعادوا ملاحم الوحدة التاريخية في تحرير الخرطوم وفي كرري وام دبيكرات، سودانيون لا يهابون الموت في سبيل الوطن، ولا يعرفون التردد، خفاف عند الفزع، ثقال عند الغنائم، يخرجون للشارع إذا حمى الوطيس، واكفهرت الدنيا، وأصبحت كالجحيم، وينزوون حين تلين الحياة، وتزدان الطرقات، ويسري فيها السلام.
مغبرين من المشي إلى الوطن والحرية، معبئين بالثورة والوطنية، الواحد فيهم بألف من الفلول، ومليون من تحالف الموز، اذا هتف أسمع، وإذا هدر اوجع، وإذا ثار أطاح بكل دكتاتور. لا يطلبون سلطة ولا منصب، يطلبون العيش الكريم لكل سوداني، فالحياة في حرية وكرامة عندهم لا يعادلها ملء الأرض ذهبا ولا كنوز الكون. الشرف عندهم اولا، وحظ النفس اخرا. لا يبيعون الضمير ولا يزيفون الحقائق، واضحين كالشمس نافذين كالسيف، اذا راءهم الفلول في موكب ولوا مدبرين، غضبهم من أجل الوطن كالنار، وغيرتهم على الحرية والكرامة كالاعصار، في أي مليونية خرجوا كانوا جحيما للانقلابيين وطوفانا للفلول والانتهازيين.
استعدوا، فإن ٢١ أكتوبر لا قبل لانقلابي بها، انذرناكم غضب الشعب ولكنكم لا تسمعون، اخبرناكم بهذا الطوفان ولكن الموز أعمى ناظريكم، فلا عاصم لكم يوم الخميس من غضب الشعب الجبار، ولن يأوييكم جبل ولا دار، هذه الأرض للثوار وطنا او كفن لا بين بين. والمدنية موعدنا وان طال المسير.
يوسف السندي
sondy25@gmail.com