يخـرج الشعب السوداني في ٢١ اكتوبر لحماية ثورته المجيدة، التي ستبقى خالدة بقيمها السلمية وحجم تضحياتها رغم التربص بها فهي ملحمة تاريخية عظيمة صنعها الثوار وقدم الشهداء أرواحهم الطاهرة مهراً للحرية والكرامة، ما كان للثورة ان تنتصر على الاستبداد والطغيان الا بقيمها الإنسانية النبيلة المكرسة لأسمى معاني الحرية والسلام والعدالة، وسر هذا الانتصار يكمن في ارتباط هذه الثورة من حيث مبادئها ومسارها وأهدافها بقيم ودلالات هادية لكل الشعوب في السلمية والوعي القومي وتجسيد أخلاق السمتة السودانية واستعادة الوطن المسلوب، واستطاع هذا الشعب بإرادته الحرة وعزيمته الأبية في العيش الكريم أن يقهر أعتى الشموليات والانظمة الاستبدادية، والتي لم تتوان في استخدام كل أشكال القمع والاستبداد والتعذيب والتجويع ضد هذا الشعب.
21 اكتوبر يوما للمحافظة على قيم ومبادئ الثورة الراسخة، والتسلح بالسلمية لاستكمال الثورة وتحقيق التحول المدني الديمقراطي، والتشبث بوحدة قوى التغيير والثورة كترياق ضد الردة والاختطاف والانقلاب، وقطع الطريق أمام المكايدات والمؤامرات والعبث والهرج والمرج، لصالح وضع خطوات عملية في اتجاه التحول المدني الديموقراطي.
٢١ اكتوبر يقول الشعب كلمته، ويسجل التاريخ صفحة جديدة عنوانها “الشعب السوداني ينتفض من جديد لحماية الثورة وتأمين الانتقال”، حينها ستختفي مظاهر الانتهازية والردة السياسية والفوضى وتفويض العسكر، وتستبين الاشياء وتعود للشارع السوداني حيويته وإرادته وكبريائه..
التمسك بالسلمية وبأهداف الثورة ومهام الانتقال هو المدخل الحقيقي لتفويت الفرصة على من يريدون خنق الفترة الانتقالية وخلق فوضى لإيجاد مبرر للانقلاب على الثورة، إن وعي الثورة كفيل بنقل المشهد الانتقالي الي محطات العبور التاريخي.
الازمة الخانقة الراهنة ليس وليدة اللحظة وانما تراكم الخلافات في إنفاذ الوثيقة الدستورية، واستخفاف بثمن التضحيات الجسام التي دفع فاتورتها الشهداء والمصابين، والهروب من استحقاقات التحول المدني الديمقراطي، واعاقة تنفيذ مهام الانتقال وأهمها تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي وإزالة التمكين وتشكيل المفوضيات وإصلاحات المنظومات العسكرية والأمنية والعدلية وغيرها، فلا سبيل للخروج من هذه الأزمة الا بإعادة زمام المبادرة الي الشعب لحماية ثورته وتعديل مسارها وفق أهدافها المعلنة وتأمين مكاسب الانتقال حتى يتوج بتحول مدني ديمقراطي عبر إنتخابات حرة ونزيهة.