اليوم سيسطر التاريخ ملحمة أخرى من ملاحم الشعب السوداني الباذخة في الثورة على العسكر والدكتاتورية والانتهازيين والفلول، اليوم سيستعيد الشعب ذاكرة الفداء وأناشيد الفخار، سيرتفع الهتاف الحر للسماء، عاليا وجبارا، هتاف شعب يعشق الحرية ويدمن المدنية.
اليوم سيكون يوما خالدا في سفر التاريخ الثوري للشعب السوداني، سيكون يوما شبيها ب ٢١ أكتوبر ١٩٦٤ حين هب الشعب الجبار وأسقط الدكتاتور عبود، يوما مطابقا ل ٦ أبريل ١٩٨٥ حين ثار الشعب واطاح بالسفاح النميري، يوما ك ٦ أبريل ٢٠١٩ حين أطاح الشعب بالمخلوع عمر البشير، يوما ك ٣٠ يونيو ٢٠١٩ حين أسترد الشعب الباسل كبرياءه ولقن عساكر المجلس العسكري درسا لن ينسوه طوال حياتهم. وايام هذا الشعب الخالدات لن تنتهي اليوم، فهذا الشعب كطائر الفينيق كلما ظنوه مات، نهض من الرماد وحلق في الفضاء.
اليوم سيلقن الشعب تيار الردة والشمولية درسا بليغا في احترام الثورة وتبجيل العدالة والخضوع للشعب الجبار. زلزال اليوم سيكون درسا ثانيا بليغا لعساكر المكون العسكري لعلهم يستيقنونه، وسيكون درسا مؤلما لتحالف الموز والفلول، وللاحزاب والإدارات الأهلية التي دعمت هذا الاعتصام الساعي لتفويض العسكر وقطع الطريق أمام المدنية.
لا صوت يعلو اليوم فوق صوت الشعب، اليوم من حق الجماهير ان تقرر كما تشاء في أمر ثورتها، وفي أمر حكومتها الانتقالية، وفي أمر المسار نحو المدنية. عثرات متعددة واجهت هذا المسار، وتبين معها أن العدو لم يعد هم الكيزان فقط، وإنما هناك تيارات عديدة داخل جسد الشراكة واتفاقية السلام يعملون بجد واجتهاد من أجل إفشال الانتقال الديمقراطي وقطع الطريق أمام الدولة المدنية. هؤلاء يجب أن يقرر فيهم الشعب اليوم ويعلن قراره بكل شجاعة.
زلزال اليوم يجب أن يخرج بنهايات واضحة وان لا يكون مجرد مواكب وهتاف، يجب ان تبت الجماهير في قضايا الثورة والانتقال، اولا القرار في أمر هذه الشراكة فضها ام اصلاحها واستمرارها، ثانيا إعلان المجلس التشريعي وإكمال هياكل السلطة، ثالثا دمج جميع الحركات والمليشيات داخل الجيش وتحويله لجيش واحد ذو عقيدة قومية، رابعا نشر نتائج التحقيق في مذبحة فض الاعتصام، خامسا تسليم المخلوع والمجرمين للمحكمة الجنائية، سادسا محاكمة قتلة الشهداء، وسابعا تكوين مفوضية الانتخابات والاستعداد لقيام الانتخابات العامة في نهاية عام ٢٠٢٣.
على قوى الحرية والتغيير ان تكاشف اليوم الجماهير في الميدان بما يحدث في دهاليز الحكم الانتقالي، وان تترك للجماهير القرار، وتخضع لرأيهم، ان كان رأي الجماهير ان تستمر الأحزاب في الحكم مع الإصلاح فلتستمر، وإن كان رأي الجماهير أن تنسحب الأحزاب وتسلم الحكومة لكفاءات مستقلة، فلتسلم الاحزاب الحكومة وتنسحب، فالشعب هو السيد، وما على قحت الا السمع والطاعة.
sondy25@gmail.com