يمكن وصف الانقلاب الذي نحن بصدده أنه انقلاب ترك و9 طويلة، فقد حاول المتحكمون في القوات المسلحة، الذين يطلق عليهم المكون العسكري خنق الشعب، بالإيعاز لناظر البجا محمد الأمين ترك بإغلاق الميناء والطرق والمطار، ومنع وصول السلع الإستراتيجية إلى الأسواق، وتعطيل مصالح الناس، من أجل أن يثوروا، ويلعنوا المدنيين، بتسويقهم أن مسألة الشرق سياسية، ولا يحلها العسكر، فذهب شمس الدين كباشي الشريك الرئيس في كل المصائب التي مررنا بها، وأقنع ترك بفتح الطريق أمام نفط الجنوب، مع تأييد مطالبه، وتأكيد مشروعية ما يقوم به.
وأوجد المكون العسكري فوضى أمنية باختلاق ظاهرة 9 طويلة، المتمثلة في مهاجمة ما عرف بالنقرز الآمنين في وضح النهار، وخطف ما في أياديهم من مال وجوال، وغيرهما، ووقفت الشرطة موقف المتفرج، كأن الأمر لا يعنيها.
واختلق العسكر المتطلعون الانقلاب الوهمي بقيادة اللواء بكراوي، ثم تهديد داعش، فهاجموا من أطلقوا عليهم الإرهابيين في أماكن آمنة، وهم يعرفون بوجودهم منذ زمن.
كما اختلق العسكر مواكب الموز المؤيدة لهم، ومعها بعض الفلول في الحركات المسلحة، من أجل الإيهام بوجود من يؤيدهم.
ما لا يعرفه كثيرون أن تسارع هذا الخطوات لم يحدث إلا بعد اجتماع البرهان وحميدتي برئيس جهاز المخابرات السابق صلاح قوش، الذي يعدّ بجدارة مهندس ما يجري اليوم على الساحة.
ولا تخفى الأيادي الخارجية على أحد، فهناك من يرون أن السودانيين ليسوا جديرين بحكم ديمقراطي رشيدة خوفًا على سريان العدوى إليهم، وهم يعرفون أن أي استقرار في السودان يعني ميلاد دولة عملاقة تتجاوز كل ما حولها، لما لديها من موارد بشرية وطبيعية.
ولكن ما العمل الآن؟ إن ما أعلنته نقابات مهمة من إضراب عن العمل من الأدوات المهمة لإجهاض الانقلاب، وخروج الشارع بألقه ذاته الذي خرج به في 21 أكتوبر، وبزخمه الذي دفع فنانًا كبيرًا مثل التونسي لطفي بوشناق أن يشدو “الشهامة رمزها السودان”.
إن شعبنا يدرك جيدًا أن كل نكساته وانكساراته كانت بسبب العسكر المغامرين، الذين يختطفون الوطن، ويذيقون أبناءه المر عندما يصلون إلى كرسي الحكم.
لا يمكن لشعب أبي أن يقبل بمن جوعوه وأرعبوه وقتلوا شبابه أن يحكموه.. لا رجعة للوراء مهما كان الثمن.