جاء بيان عبدالفتاح البرهان كغيره من بيانات العسكر يحمل المتناقضات، فهو يعدّ بحماية الثورة، والانتقال الديمقراطي، والالتزام يالوثيقة الدستورية وسلام السودان، ثم ينقلب على ذلك كله بحل مجلسي السيادة والوزارة، من دون أن يكون له أي حق، ولا أي سند قانوني.
يعتقل رئيس الوزراء المدني الدكتور عبدالله حمدوك، وقادة الأحزاب، ويعد بتوفير الأجواء لانتخابات حرة نزيهه.
البرهان الذي يريد أن يحقق حلم أبيه بحكم السودان يعلق العمل ببنود في الوثيقة الدستوريّة، ويبشر العالم باحترام كل المواثيق، كيف؟ والعالم شهد على هذه الوثيقة الحاكمة للفترة الانتقالية.
إن العسكر مثل برهان يرون أنفسهم دوماً أوصياء على الشعب، وهم يدركون ما يحمله لأمثاله من ازدراء، بل إنه يدعو عبدالواحد محمد نور وعبدالعزيز الحلو للانضمام إلى ركبه، وهما الذين رفضا السلام المنقوص، وطالبا بالقصاص من كل العسكر الذين ارتكبوا جرائم في حق أهلهما.
لقد كان المحلل السياسي حاج وراق هو أول من استشرف المستقبل حين قال إن انقلاب البرهان وشيك، لكنه استدرك، وقال إنه سيليه انقلاب حميدتي عليه، وقد أنهكا الجيش، في ظل تصاعد قوة الدعم السريع، وهذا ما يمهد الطريق لحميدتي للوصول إلى السلطة بدعم خارجي.
حاول البرهان زج اسم الدكتور عبدالله حمدوك في بيانه، والاستشهاد بما قاله عن أداء المكون المدني، وتجاهل أن حمدوك طالب بتسليم رئاسة مجلس السيادة للمدنيين، حسب الوثيقة الدستورية، كما أكد ضرورة هيكلة الأجهزة الأمنية، وجعل وزارة المالية قيمة على شركاتها، التي تذهب عوائد استثماراتها إلى جيوب بعض كبار الضباط، بينما صغار الضباط والعسكر يعانون شظف العيش.
اتهم البرهان المدنيين بتأجيج الجهوية، وهو الذي ألب ترك وبسطاء الشرق على الحكومة الانتقالية، وهو الذي عمل على تجويع الشعب، من أجل أن يثور، ويثبت تهمة الفشل على الحكومة، كما أنه ظل يؤلب الجيش على المدنيين، ويحشدهم في طوابير عنترية، وبخطابات عاطفية لا تنطلي إلا على من في قلبه زيغ.
والآن لا رهان إلا على الشارع، الذي يجب أن يحمي ثورته، ويدافع عنها، ويحجم هؤلاء الذين يزيفون وعيه، ويئدون أحلام شبابه، بدعاوى كاذبة، تشهد عليها أحداث فض الاعتصام، وقد رموا بهم في النيل مربوطين بحبال، ومثقلين بالحجارة.
بيان البرهان التعيس يضع حداً لأحلامه، ويجعل بينه وبين الشارع برزخاً، والشعب جدير بأن يضع حداً للحالمين على حساب أحلام شبابه الذي ضحى بالغالي والثمين كما قال الدعي.