قالت صحيفة “ديلي تلغراف” إن انقلاب السودان العسكري يوم الاثنين هو تحد للولايات المتحدة وبريطانيا، مؤكدة أن الانقلاب حظي بدعم من الحلفاء الإقليميين في مصر والإمارات.
لكن الصحيفة وفي تقريرها الذي أعده مراسلها لشؤون الشرق الأوسط كامبل ماكديرميد تعتقد أن الجيش أساء تقدير قوة منظمات العمل المدني وهناك مخاطر من اندلاع العنف.
وكان قادة الجيش حتى الأسبوع الماضي مصممين على الالتزام بالعملية الانتقالية، ففي يوم الاثنين الماضي قدم الجنرال عبد الفتاح البرهان تطمينات ورسالة إلى السفير البريطاني في السودان غايلز ليفير والمبعوث الخاص البريطاني للسودان روبرت فيرويذر أكد فيها على “التزام الحكومة السودانية بالعمل من أجل نجاح الفترة الانتقالية”.
وجاءت هذه الرسالة بعد التطورات الأخيرة التي لم تعط صورة جيدة عن وضع العملية الانتقالية، بما فيها بالون الاختبار الذي أطلقه الجيش في أيلول/ سبتمبر من أنه أحبط محاولة انقلابية، حيث سافر فيرويذر إلى السودان لحث الجيش على الالتزام بالعملية الانتقالية، وكذا وزيرة شؤون أفريقيا في الحكومة البريطانية فيكي فورد والمبعوث الأمريكي للسودان جيفري فيلتمان.
ولهذا فقد كان فعل تمرد من الجنرال البرهان عندما قام بانقلابه وإعلانه عن حالة الطوارئ وحل المجلس السيادي واعتقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك إلى جانب أعضاء حكومته. فمنذ أن اتفق العسكريون والمدنيون في عام 2019 على إنهاء حكم البشير، دخل الطرفان في معركة على السلطة ومستقبل السودان. وكان انقلاب يوم الاثنين بمثابة ذروة هذا النزاع والذي اعتقد كل طرف أنه يمس وجوده. فرغم تشكيل حكومة انتقالية مدنية- عسكرية لقيادة البلد إلى الحكم المدني فإن مصالح الطرفين ظلت متباينة. وسئم القطاع الأكبر من الشعب السوداني من الحكم الديكتاتوري الذي تبع الاستقلال عن بريطانيا في عام 1956. ويحلم الشباب بالعيش في ديمقراطية يحاسب فيها الجيش ويراقب عبر حكومة مدنية. وهو ما يخشاه العسكر من قيام حكومة مدنية بمحاسبتهم عن انتهاكات الماضي ويمكن أن تسيطر على مصالح الجيش الاقتصادية الواسعة واحتكاراته لقطاعات واسعة للاقتصاد السوداني المترنح.
وحتى هذا الوقت شجعت القوى الأجنبية العملية الانتقالية، وفي الوقت الذي احتجت فيه بريطانيا والولايات المتحدة ضد انقلاب الاثنين حيث وصفه فورد بأنه “خيانة غير مقبولة للشعب السوداني وعملية التحول الديمقراطي”، فإن الجيش على ما يبدو لم يعد لديه صبر على الضغوط الغربية. ورغم حساباتهم أنهم لن يتخلصوا أبدا من النقد الغربي وتوقف الدعم الأجنبي، إلا أنهم تشجعوا من لاعبين إقليميين بمن فيهم مصر والإمارات اللتان تقيمان علاقات قوية مع الجيش السوداني وقادته.
ومع بدء الانقلاب يوم الاثنين، أكد الصحفيون في وسائل إعلام إماراتية على ما أمر به الشيخ محمد بن راشد المكتوم، حاكم دبي ورئيس وزراء الإمارات بفتح “جسر جوي” لدعم السودان وبخطط لهبوط الطائرات في السودان حاملة معها الدعم الإنساني.
ويخشى الدبلوماسيون في السودان من أن يؤدي تمسك الطرفين بمواقفهما وعدم الاستعداد للتنازل أو التسوية إلى فوضى وعنف على الطريقة السورية.
وقالت المتحدثة باسم نقابة المهنيين السودانيين سماهر المبارك: “نعي تماما من يقف معنا”. ولهذا السبب قد يكون الجيش لعب ورقته بطريقة مبالغ فيها كما قال جوناس هورنر، المحلل في شؤون السودان بمجموعة الأزمات الدولية. وقال إن “أنصار العملية الانتقالية يقولون إنهم مستعدون للموت من أجل العملية الانتقالية”، مضيفا أن “البرهان وحميدتي وحلفاءهم الإقليميين أساءوا تقدير الشارع”، في إشارة لقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو، حميدتي. وقال هورنر: “أعتقد أنهم راهنوا على تسكين السخاء الخليجي الجوع ولكنهم أساءوا تقدير الشارع الغاضب”. و”لم يظهروا بعد أنهم قادرون على فهم أو الإمساك بدينامية السلطة المعكوسة في البلد، وهي أن القوى الأمنية لم تأخذ في حسابها التزام قطاع كبير من السكان بالعملية الانتقالية”.
عربي21