لاخفاء السبب الحقيقى للانقلاب صرح قائده بان السبب هو النزاع بين الاحزاب ..وهذا سبب يعلنه كافة قادة الانقلابات ..اى شيطنة الاحزاب وانهم الملائكة الذين هبطوا لانقاذ الشعب! ..
الحقيقة ان الخلافات التى ظهرت مؤخرا وانتهت بموكب ١٦ اكتوبر واعتصام القصر هى خلافات ” مصطنعة” فى مطبخ قائد الانقلاب الفعلى الجنرال بأمر نفسه حميدتى.
فان السبب لم يكون “توسيع” الحكومة أبدا او تجويد اداؤها ..السبب كان مختلفا جدا ويمكن ان نختصره فى جملة قصيرة هى حماية (الفساد والاستبداد )..
وقبل ان نتعرض للاسباب الحقيقية للانقلاب ..
تعالوا نتحدث قليلا عن طبيعة الشعب السودانى ” المفتوحة” والتى فى غالبها خصام مع الخصوصية ..فالشعب السودانى ليس كغيره من الشعوب وقد اقمت فى كثيرا من الدول دون ادنى معرفة لجارى القريب ..بينما فى السودان المعلومة متداولة بكل بساطة ..واذكر ان جار لنا فى الحى كان ينتمى لحزب المؤتمر الوطنى المخلوع ..وبدأ الجيران يتحدثون عن مظاهر الثراء التى بدت عليه وافراد اسرته وان اثنان من ابناؤه التحقا بجهاز الامن ..الراجل هرب من حينا الشعبى الى احد احياء الخرطوم الراقية ورغم ذلك لم تنقطع اخباره عن الحى ابدا..
واذكر ان كثيرا من الاصدقاء والاهل كان يرسل لى مستفسرا عن زوج/ة مقترحة ويسالنى: الزول ده بعرفك وكان معاكم فى انجلترا…..هى بنت اخ صديقك فلان ..ابوها معاكم فى الحزب . وفى نهاية يتم الحصول على معلومات الزوجة المرتقبة بما فيها جدودها وحبوباتها..
اخفاء المعلومة والخصوصية ليس من طباع اغلبية اهل السودان ..وعند دكان الحلة تجد كل شئ !
السؤال الذى يتبادر الى اذهان السودانيين عقب الانقلاب:
ان قادة الانقلاب كانت تحت سيطرتهم كل البلد فلماذا الانقلاب
اقول الانقلاب كان سببه اثنان وثالثهما الشيطان:
■ السبب الاول: لجنة ازالة التمكين والفساد:
رئيس لجنة ازالة التمكين بالانابة من احد تلاميذنا فى العمل السياسى وايضا تربطنى علاقات وطيدة بمعظم قيادات الحكومة بداية من د. حمدوك ..
وكان هذا الامر سببا ليصبح بيتى ومكتبى قبلة لكل من له معلومة يريد ان يوصلها لقيادات الدولة ..
وهذا الامر لم يكن خيارا او مريحا ..
وكنت اطلب من الذى يتصل بى ان يذهب الى المسؤل مباشرة وانه لا يحتاج لى ..
للغرابة ان بيتى ومكتبى لم يستقبل السودانيين فحسب وانما جنسيات عديدة ..وكان بعضهم يصر على الزيارة بعد منتصف االليل ..مما سبب خوفا وهلعا لاسرتى وانا ارد عليهم بقول المصطفى عليه السلام: ( وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ) .
وكان مصدر الخوف الاكبر للاسرة من زوار كانوا يحملون وثائق ومستندات خطيرة جدا ..فاقول لهم بانهم لا يحتاجون عونى ويمكنهم الذهاب مباشرة الى اللجنة.. وازودهم بعناوينها وهواتفها.
كانت المشكلة الحقيقية فى ان بعضهم لا يريد الكشف عن نفسه خوفا من اشياء كثيرة ومثيرة ..بعضهم يصرح بها واخرين يخفونها..
فى تلك الايام اكتشفت ان الفساد الذى ادى الى انهيار البلاد لن تستطيع اللجنة بمقدراتها المحدودة ان تكتشفه وتوقف سيله الذى يدمر البلاد بشكل محزن..
ولكن الشعب السودانى بطبعه المعروف جعل المعلومات والمستندات تتدفق الى اللجنة على مدار الساعة…لدرجة ان مقدراتها البشرية المحدودة واجهت صعوبة بالغة فى الامر.
ورغم ان اللجنة وخصوصا بعد استقالة ياسر العطا بتوافق مع البرهان وحميدتى ..اصبحت يدها مغلولة فى الدخول الى الى المؤسسات العسكرية والامنية ( عش الدبابير) التى يسيطر عليها اتباع للنظام السابق .. واصبحوا يدا للبرهان وحميدتى للنيل من الثورة ..
ولكن ماذا حدث ..وهل كلمة (هبوا ) التى قالها ودالفكى كانت سببا كافيا للاساءة اليه من قبل حميدتى والبرهان..
الحقيقة ان ودالفكى واعوانه اصبح خطرا عظيما عليهم لان لجنة التفكيك التى يرأسها اصبحت بيدها معلومات عن الفساد داخل كافة اجهزة الدولة بما بما فيها الاجهزة الامنية والعسكرية والمليشيات والحركات المسلحة وشركة المعادن وكل ما يدور عن الذهب وتجارة العملة..والتهريب والتجنيب والتخريب.
لقد امد الخيرين من ابناء وبنات الوطن اللجنة بمستندات تشمل فيديوهات ووثائق ومعلومات كاملة عن كيفية تهريب الذهب وكيف يتم تخريب الاقتصاد..
هذا المعلومات شملت المكونات الرئيسية فى “همج” ..فقد حصلت لجنة ازالة التمكين على معلومات كاملة عن حركة العدل والمساواة وعلاقتها بالحركة الاسلامية وما بينهما من شراكات تجارية، وايضا معلومات عن صندوق اعمار الشرق وسلطة دارفور الانتقالية التى كان يرأسها مناوى ابان حكم المخلوع ..ومعلومات عن الاعمال التجارية والتهريب الذى تمارسه المليشيات وبعض الحركات المسلحة ..ومعلومات ايضا عن كافة الاجهزة الامنية والعسكرية وانشطتها الاقتصادية.
فاصبحت لجنة ازالة التمكين والفساد مصدر رعب وخوف وقلق لكل الفاسدين فى السلطة والذين يدمروا اقتصاد البلاد وخصوصا بعد نشاطها الاخير فى كشف حسابات تجار العملة والفساد ..فقد وصل الى اللجنة من مصرفيين ثوريين معلومات عن حسابات ضخمة جدا عن اشخاص مرتبطه بالفساد.
ان السبب الرئيسى للانقلاب هو الغاء لجنة ازالة التمكين وابادة وازالة كافة مستنداتها ووثائقها وترهيب قياداتها والزج بهم فى السجون،…
وخصوصا وان اللجنة وجدت تأييدا ضخما من الشعب وكافة احزابه باستثناء الفاسدين من اتباع المخلوع، جبربل ومناوى، واللجنة الامنية للبشير.
اما د. حمدوك فقد كان من اكثر الداعمين والمساندين للجنة ازالة التمكين، وقد زارها فى مقرها ليؤكد دعمه ..واتفق مع اللجنة على ان تؤول كل حقوق الشعب المستردة الى شركة قابضة لصالح الشعب.
ان الغاء وابادة مستندات اللجنة كان هدفا مشتركة لكل المشاركين فى الانقلاب.
■ السبب الثانى: لجنة تقصى الحقائق فى مجزرة القيادة:
وقد هدف الانقلاب ايضا الى الغاء تلك اللجنة واعدام وابادة كافة اوراقها وملفاتها والى الابد ..لاخفاء حقيقة مجزرة القيادة التى يعرفها كل الشعب ..
وتدور الحلقة الثانية منها هذه الايام وبمشاركة جبريل ومناوى وقيادة نفس ” الزول ” الذى قاد مجزرة الاعتصام البشعة ..فنرجو الحرص على التوثيق.
اختلاف السبب الاول اى لجنة ازالة التمكين عن السبب الثانى، هو ان لجنة تقصى الحقائق لا يقودها مناضلون اقوياء..
بل يقودها ثرثارون ..
وبعد ان اصبح نبيل اديب ولجنته يمتلكون كل الحقيقة بوثائقها … آثروا التأجيل المستمر بضغط من جهات داخلية وخارجية.
الخلاصة ان الانقلاب لا علاقة له بامور سياسية او ادارة الدولة وانما لحماية دولة الفساد والاستبداد التى سوف تهين الشعب السودانى وتذله وتفقره ان سمح لها بالبقاء..
وثالثهما الشيطان هى مملكة ال دقلو التى يرصف لها الانقلاب الطريق .. بعون دول اجنبية تريد للسودان ان يكون تابعا ذليلا لها!
والثورة مستمرة
د. فخرالدين عوض حسن عبدالعال