الرياض- التحرير- منصور الصويم:
خاض المهندس والناشط الثقافي الشاب الطيب المشرف تجربة متفردة في تأسيس مجلة ثقافية إلكترونية أطلق عليها اسم (البعيد)، يمكننا وصفها بالأولى في السودان قياساً على شروط النشر ومواصفات التحرير والاستمرارية.
وخلال عامين أو يزيد قليلاً، نشرت (البعيد) عشرات النصوص الأدبية لكتاب من داخل السودان وخارجه، مفسحة المجال لمختلف الأجيال والتجارب؛ بيد أن المتابع يلاحظ تعثراً في المسيرة أنتاب المجلة الأنموذج خلال السنة الأخيرة.
عن تجربة (البعيد) وجهنا إلى المشرف 4 أسئلة.
• هل توقفت البعيد؟
– “البعيد” لم تتوقف بشكل كامل، وإنما مؤقت، وستعاود الصدور في أقرب وقت متى ما ضمنا استمراريتها سنوات أخرى، وهذا يعتمد على معالجة السبب الأساسي لتوقفها عدة مرات في الفترات السابقة، ولكن التوقف الأخير كان الأطول، ويعود ذلك لأسباب مالية بحتة، فطيلة الأعوام الثلاثة السابقة كانت المجلة تعمل باستقلالية تامة وبذل طوعي من فريق عمل ﻻ يتجاوز أربعة أشخاص، مع انعدام تام لإمكانية التفرُّغ في ظل ظروف قاهرة ومعلومة، ودونما مقابل لهؤلاء الأصدقاء المساهمين في التحرير والتدقيق، اضف إلى ذلك عدم توافر الأجهزة والوسائل المساعدة الأخرى، ومن جانب آخر الالتزامات المادية تجاه شركات الاستضافة، وتصميم الموقع، ومعالجة أخطائه التقنية والفنية.
• حدثنا عن هذه التجربة؟
– البداية كانت عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” منذ خمس سنوات، وفي أبريل 2014م، وبجهد طوعي كامل وبدعم سخي من الكتاب والكاتبات تم تدشين الموقع الإلكتروني الخاص بالمجلة، وتحصلت (البعيد) – ومن موقع الاحتفاء بالكتابة لا غير – على مواد من مختلف الحقول، أكثر من (2500) مادة، لأكثر من 300 كاتبة وكاتب، بالمستوى الرفيع والدقة اللغوية اللذين تعهدت بهما (البعيد).
ومع كثافة النشر من السودان وجنوب السودان؛ نشرت (البعيد) لكتاب وكاتبات من: إريتريا، والجزائر، وسلطنة عمان، والكويت، والإمارات العربية المتحدة، وأمريكا، والمغرب، وتونس، وموريتانيا، واﻷردن، وسورية، والعراق، واليمن، ومصر، والسعودية.
وفي تفاعل متميز من القراء، تجاوزت (البعيد) المليون متصفِّح، على الرغم من محدودية استخدام الإنترنت باللغة العربية، وانحياز (البعيد) إلى الانفتاح على أنساق الكتابة الجديدة، التي طالما تباعد عنها الإعلام التقليدي والرسمي، مما خلق هوة في التواصل بين المنتج الإبداعي الحديث والمتلقي.
وفي بداية 2015م أي بعد انطلاقها بستة أشهر تم اعتمادها من الاتحاد العربي للصحافة الإلكترونية، وتأكيد اجتيازها شروط الاتحاد من ناحية المستوى المهني (التحريري) والتقني (التصميم والإخراج والنشر الإلكتروني).
وبشكل عام يا صديقي مجلة البعيد تجربة شبابية تستشرف روح الثقافة الحرة التي ليس لها وطن سوى الإنسان والحياة الكريمة له، التي يمكن رسمها عبر الفنون والآداب. نعم بإمكان الثقافة أن تغير إذا ما قامت على روح جديدة وبناءة ومختلفة تستلهم أجمل ما في الذات، وأسمى ما في الأرواح.
• أترى أفقاً للعبور؟
– نعم، سيحدث ذلك وتعود البعيد لكتابها وقرائها، وهناك عدة مشروعات وبرامج سنقوم بتنفيذها بعد أن تجري معالجة الأزمة المالية، بحيث ستقدم البعيد مواد لكتاب من أوربا وإفريقيا والعالم العربي، تتركز حول قضايا حوار الثقافات والتبادل الثقافي والتنوع وبناء السلام.
• إذن هناك مكاسب، ما هي؟
– نعم هناك مكاسب بالطبع، المهمة الأساسية نشر الوعي بأهمية الكِتابة والقراءة بوصفهما مصدرين للمعرفة في ظل التطور التقني في وسائل الاتصال والمعرفة، والإسهام في تعريف الثقافات المختلفة بالمنجز الإبداعي لبعضها بعضاً، ومن ثم، سيكون هناك تبادل لتجارب في بناء السلام عبر الفنون، وتبادل تجارب في إدارة التنوع الثقافي، وإبراز إرادة الثقافات المختلفة في تجاوز الصراع وتأثيرات الإرهاب، وأيضاً خلق نوع من التواصل المؤسسي بين الكتاب والادباء العرب في جميع بلدانهم وأجيالهم، وبمختلف أساليب كتاباتهم، وتشجيع الأجيال الجديدة عن طريق إيصال أصواتهم إلى القراء.
وستكون البعيد كما كانت في البدء منصة رحيبة للقراء داخل السودان وخارج، وفضاءً لثقافة الحرية والتسامح بعيداً من أشكال التزمت والإقصاء، ومنبراً ثقافياً حراً، مستقلاً، ومفتوحاً على كل التيارات.