شهد السودان تطورات متسارعة في الساعات الماضية، حيث تحدث سياسيون عن مبادرات للخروج من الأزمة الراهنة، في حين أعلن التلفزيون الرسمي أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان أعفى النائب العام مبارك محمود من منصبه، بالإضافة إلى 7 من كبار وكلاء النيابة العامة في البلاد.
ونقلت وكالة رويترز عن سياسيين سودانيين قولهم إنهم قدّموا اقتراحا يقضي بمنح رئيس الوزراء المعزول عبد الله حمدوك سلطات تنفيذية كاملة، وتعيين حكومة تكنوقراط، وأشاروا إلى أن هذا الاقتراح يمثل التسوية الرئيسية التي يجري بحثها.
في تلك الأثناء، أعلن التلفزيون السوداني أن قائد الجيش أعفى النائب العام مبارك محمود من منصبه، وأنهى خدمته في النيابة العامة.
وقالت مصادر في قيادة الجيش السوداني للجزيرة إن البرهان أصدر قرارا بإعفاء 7 من كبار وكلاء النيابة العامة في البلاد، كما وجّه بإعادة القبض على كل من أفرج عنهم النائب العام السوداني مبارك محمود الذي أقاله قبل ساعات.
وقبل ساعات قليلة من هذا القرار، أفرجت السلطات عن إبراهيم غندور رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول، وهو حزب الرئيس السابق عمر البشير.
ووصف مكتب الناطق باسم الحكومة السودانية المعزولة إطلاق سراح رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول ومسؤولين من النظام السابق، بأنه انتكاسة لدولة المؤسسات وكشف عن الغطاء السياسي “للانقلاب” وتوجهاته الحقيقية.
وساطات ومباحثات
في سياق متصل، قال القيادي في مجموعة المجلس المركزي بقوى الحرية والتغيير محمد عصمت -للجزيرة- إن هناك 5 مبادرات ووساطات مقدمة من جهات عديدة لحل الأزمة الحالية، وأضاف أن مجرد وجود هذه الوساطة يعني أن هناك نسبة من قبولها، بحسب تعبيره.
من جهتها، أكدت المتحدثة السابقة باسم الحزب الشيوعي السوداني أن المخرج من الأزمة الحالية يكمن في إلغاء كل قرارات البرهان، واستبعاد العسكر من السلطة.
من جانبه قال مني أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان القيادي بقوى الحرية والتغيير-مجموعة الميثاق الوطني إنه تواصل مع مجموعة المجلس المركزي بقوى الحرية والتغيير قبل أيام، وتم الاتفاق على 7 نقاط على رأسها التوسعة والشراكة الموسعة في الفترة الانتقالية.
وأضاف مناوي في تصريح للجزيرة، أنه يقود اتصالات مع المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي لشرح الظروف العصيبة التي يمر بها السودان، وفق تعبيره.https://imasdk.googleapis.com/js/core/bridge3.486.2_en.html#goog_133834203تشغيل الفيديو
بهذه الأثناء، أجرى وفد من دولة جنوب السودان محادثات مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان تناولت الأزمة الراهنة مع المكون المدني، خاصة بعد عزل حكومة عبد الله حمدوك.
وقال مراسل الجزيرة إن مستشار رئيس دولة جنوب السودان للشؤون الأمنية توت قلواك، التقى قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في الخرطوم الأحد. وقد وصل قلواك حاملا رسالة من الرئيس سلفاكير ميارديت تتعلق بوجوب إيجاد وسيلة للحوار بين مختلف الاتجاهات السياسية في السودان.
وأعرب قلواك -وهو رئيس الوساطة في اتفاقية جوبا لسلام السودان- عن قلق الرئيس ميارديت بشأن التطورات التي يشهدها السودان.
استمرار الاحتجاجات
وقد واصل المحتجون على قرارات قائد الجيش الأحد إغلاق بعض الطرق في الخرطوم، كما دعت تجمعات مهنية لتصعيد الاحتجاج، وذلك على وقع جهود أممية وأخرى أفريقية للوساطة بين الأطراف السودانية.
وبعد يوم من “مليونية 30 أكتوبر” التي خرجت فيها حشود من المتظاهرين في العاصمة ومدن عدة في أنحاء البلاد للمطالبة بإنهاء “حكم العسكر”، أعلنت الشرطة فتح جميع الجسور في ولاية الخرطوم، ما عدا جسر النيل الأزرق وجسر النيل الأبيض.
وقال متحدث باسم الشرطة السودانية إن الهدوء يسود العاصمة، وناشد المواطنين الالتزام بحركة المرور عبر الجسور العاملة.https://imasdk.googleapis.com/js/core/bridge3.486.2_en.html#goog_133834204تشغيل الفيديو
وكان مراسل الجزيرة قال إن قوات من الجيش والشرطة والدعم السريع ما زالت منتشرة انتشارا كثيفا عند مداخل الجسور والمؤسسات الحكومية، وفي محيط القصر الجمهوري، ومقر القيادة العامة للجيش، ومقر مجلس الوزراء.
وأضاف أن المدينة تشهد حركة سير طفيفة، في حين لا يزال محتجون يغلقون بعض الطرق الرئيسية والفرعية.
دعوات للتصعيد
من جهتها، دعت لجنة المعلمين السودانيين -في بيان لها أمس الأحد- المعلمين كافة إلى الدخول في إضراب عن العمل في جميع ولايات السودان.
وفي السياق نفسه، أعلن تجمع المصرفيين السودانيين استمرار الإضراب والعصيان في جميع المصارف.
في غضون ذلك، نشرت لجنة أطباء السودان المركزية إحصاء جديدا لمجمل ضحايا الاحتجاجات منذ إعلان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان يوم الاثنين الماضي (25 أكتوبر/تشرين الأول) حلّ مجلسي الوزراء والسيادة وفرض حالة الطوارئ.https://imasdk.googleapis.com/js/core/bridge3.486.2_en.html#goog_133834205تشغيل الفيديو
وقالت اللجنة إن 3 أشخاص قتلوا بطلق ناري مباشر في أم درمان خلال “مليونية 30 أكتوبر”، كما توفي آخرون في الساعات الأخيرة متأثرين بإصاباتهم خلال الأيام الماضية، ليصل مجمل عدد القتلى إلى 12 شخصا، أما الإصابات فقد بلغت 167 حالة، بينها إصابات بطلق ناري وكسور وحالات اختناق.
شروط حمدوك
في سياق متصل، قال مصدر مطلع في تحالف الحرية والتغيير- مجموعة الميثاق الوطني إن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك اشترط لعودته إلى منصب رئيس الوزراء عودة الأوضاع لما قبل قرارات القائد العام للجيش السوداني في 25 أكتوبر/تشرين الأول، على أن يعود لعمله بكامل طاقمه الوزاري.
وبحسب نفس المصدر، فقد اجتمع حمدوك عقب القرارات بعدد من القادة أبرزهم عبد الفتاح البرهان وقائد الدعم السريع محمد حمدان حميدتي ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم ورئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي.
وأوضح أن كل مسارات الحوار اصطدمت بشروط حمدوك التي تتلخص في العودة للوضع الذي كان قائما في 24 أكتوبر/تشرين الأول.
وفي وقت سابق، زار مبعوث الأمم المتحدة الخاص للسودان فولكر بيريتس رئيس الوزراء السوداني المعزول عبد الله حمدوك، وبحث معه إمكانات حل الأزمة الراهنة.
وقال بيريتس في تغريدة على تويتر إنه بحث مع حمدوك “خيارات الوساطة وسبل المضي قدما في السودان”.
وأضاف المبعوث الأممي أن حمدوك بصحة جيدة، لكنه لا يزال قيد الإقامة الجبرية في مقر إقامته.
وقال مصدر للجزيرة إن حمدوك قيد الإقامة الجبرية في مقر إقامته بضاحية كافوري مع زوجته، وإنه تم تجريدهما من الخدمة الهاتفية، ولا يسمح بالزيارة إلا في إطار ضيق ويتم حجز هواتف من يسمح له بزيارته.
المصدر : الجزيرة + وكالات