اكثر من اي وقت مضى، نحتاج للتماسك والوحدة الوطنية وحشد الارادة السياسية لدحر هذا الانقلاب، الضغوط الأمريكية نجحت في لجم الانقلابيين واعادتهم إلى التفاوض والحوار، جاء الان دورنا نحن كشعب سوداني لنفرض الاجابات الوطنية التي تحفظ كرامتنا الوطنية وشرفنا الثوري، وهذه الأسئلة باختصار هي:
هل من المعقول ان يكون البرهان بعد الخيانة الوطنية التي ارتكبها جزء من المشهد السياسي القادم؟ وذات السؤال ينطبق على حميدتي الشريك الأصيل في الانقلاب ولكنه اختفى من المشهد الاعلامي في محاولة للتنصل منه بعد ان تبين له فشل المخطط الانقلابي بتدخل امريكي من العيار الثقيل؟
كيف يكون من تورط في نسج المؤامرات ضد التحول الديمقراطي مع مخابرات دول معادية والتمس الحماية لمشروع قمع الشعب السوداني من الموساد شريكا في إدارة فترة انتقالية تهدف للتأسيس لديمقراطية مستدامة في البلاد؟
لو كانت الشراكة بين المدنيين والعسكريين ضرورية في هذه المرحلة أليس الحد الادنى من كرامة الشعب السوداني عقد شراكة مع عسكريين وطنيين لم تتلطخ اياديهم بالدماء وصحائفهم بالخيانة العظمى؟
هل عندما خرجنا للشارع رفضا للانقلاب كان هدفنا العودة إلى ذات الوضعية المختلة التي كانت سائدة قبل الانقلاب؟
انا شخصيا خرجت في ٢١ أكتوبر وفي ٣٠ أكتوبر لان رفض الانقلاب العسكري من حيث المبدأ فرض عين علينا جميعا ولكنني كنت على يقين ان اول خطوة بعد دحر الانقلاب هي اعادة تأسيس وهيكلة مؤسسات الفترة الانتقالية في اتجاه أهداف التحول الديمقراطي، وفي اتجاه معالجة كل العيوب والأخطاء والخطايا خلال العامين الماضيين عبر فتح الوثيقة الدستورية واتفاق جوبا للسلام وتعديلهما في اتجاه التخلص من كل الألغام المناقضة للتحول الديمقراطي وكل الامتيازات المجانية غير الموضوعية التي منحت لعواطلية فاقدين للوزن السياسي والعسكري مثل مناوي وجبريل واردول والتوم هجو والجاكومي الذين شاركوا في المؤامرة الانقلابية فهل سيكون هؤلاء جزء من مشهد ما بعد انقلاب البرهان؟
هل سنظل بدون مجلس تشريعي ومحكمة دستورية وقضاء مستقل نيابة عامة مستقلة؟ هل نعود للشراكة بذات الشخوص دون سؤال العسكر عن خيانتهم ودون مساءلة المدنيين عن تقاعسهم في بناء المؤسسات التي هي روح التحول الديمقراطي كالمجلس التشريعي الانتقالي والمفوضيات المستقلة وعلى رأسها مفوضيات العدالة الانتقالية والإصلاح القانوني والدستور والانتخابات؟
هل يعقل ان يتم إصلاح للاجهزة الامنية والعسكرية تحت إشراف البرهان وحميدتي؟
وهل ستسقط جريمة فض الاعتصام بالتقادم؟
هذه نماذج من الاسئلة الصعبة التي يجب أن تتم بلورة إجابات واقعية عليها وان تكون هذه الاجابات نواة المشروع الوطني الديمقراطي، الذي حتما سيحتاج لعشرات المليونيات لفرضها فرضا على اطراف التسوية التي تطبخ الان، وتوقعاتي التي اتمنى ان تخيب، انها ستكون تسوية متواضعة ، وستكون مجرد استراحة انقلابيين! لذلك لا بد من حشد الارادة الوطنية خلف اهداف التغيير الجذري، ولا بد أن يكون لهذا التغيير تيار منظم وفاعل ومدجج بآليات العمل السياسي والاعلامي.
ساعود للكتابة المفصلة عن كل هذه القضايا.
رغم كل التعقيدات، الخبر السعيد هو النقلة النوعية التي حدثت في الوعي السياسي السوداني إذ تجاوز هذا الوعي بشكل حاسم ونهائي التماس المخرج من الازمات السياسية في الانقلابات العسكرية، فهذا اول انقلاب يعارضه الشعب قبل تنفيذه! ويخرج ضده بعد سويعات من وقوعه!