• لو أن حميدتي إستخدم فطرته البدوية، وإنحاز إلى الشعب، لا إلى أخيه عبد الرحيم، ولا إلى البرهان، كما فعل مع البشير حين رفض قتل ثلث الشعب عند تفجر ثورة ديسمبر، لكان خيراً له ولأخيه، ولربما غفر لهما الشعب ما تقدّم من ذنبهما وما تأخَّر، ولكنه بخطابه الذي سمَّعه تسميعاً أمس، وكأنه ضُغط ضغطاً تحت تهديد السلاح ليُؤدي واجباً مفروضاً عليه، يكون قد إختار طريق العَوَج ومواجهة الشعب، وهو طريق سيقوده قَوداً مع البرهان إلى العدالة الديموقراطية، وإلى محكمة الجنايات الدولية التي ستلاحقهما والبرهان طال الزمان أو قصُر..
• غير أنه ما تزال، وستكون أمام حميدتي فرص عديدة ستلوح له الواحدة بعد الأخرى ليخرج من هذا الوضع-الكمَّاشة، الذي يتذمَّر منه حتى قادة الإنقلاب أنفسهم !!
• لقد خلق البرهان بخطوته الإنتحارية الأنانية وضعاً (مُركركاً) ومربوكاً سيتساقط بسببه من حوله الكثيرون، وبخاصة أصحاب الطموحات السياسية ممن يلتفون حوله الآن، لأن هذا الوضع لن يخلق لا مستقبلاً ولا حاضراً سياسياً لمن يطمح في إحدهما أو كليهما، ومن ثم ستلوح كذلك لحميدتي فرصٌ عديدة، سيكون خيراً له لو إستغل إحداها وقفز متزوداً بفطرته البدوية إن شاء.. لأنه ببساطة، وإذا إستمر في هذا (الطين البرهاني المركوك) سيكون السؤال المنطقي الذي يواجهه دائماً: هل هذا (الطين المركوك) هو مما يمكن أن تسعفه فيه، وتحلحله منه حشودات العُمَد والنُّظَّار والشراتي والإدارات الأهلية والتوم هجو، حتى لو أهدى لكل شرتاي جَّراراً من البكاسي والرقشات والمواتر ؟!
• بإعتقادي، أن الثوار ربما كان بإمكانهم أن يتسامحوا مع حميدتي لو أنه إنحاز إلى جانب ثورتهم في هذه الظروف المفصلية الحرجة، مهما كانت المرارات التي يتذكرونها نحوه، وربما سيختار الثوار الإبقاء على ثورتهم وإستمرارها مثلما إختاروا في بداية الثورة أن يقبلوا بشراكة العسكر، برغم مرارة ذلك في حلوقهم..وكانت هذه ستكون فرصةً نادرةً لحميدتي ليغتسل في بحر الثورة من أدران مذابح دارفور وحرائقها، ومن دماء فض الإعتصام وقتله وسحله ومراراته، ولكنه لم يفعل !!
• إختار حميدتي أن يضع يده مع البرهان لأن أخاه عبد الرحيم كان قد إختار صف البرهان..
كما أختار حميدتي أن يتخذ من الكيزان عضداً وحميَّة وحاضنةً سياسية يمتلئ عشها بالثعابين والعقارب والدبابير..وسوف لن يغفر له الكيزان أبداً، طال الزمن أو قصر، أنه وقف يوماً ضد البشير المخلوع وساهم في إسقاطه وإسقاطهم معه، وسيثأرون منه شر ثأر، وسيقضون عليه في نفسه، إن إستمر في مآخاتهم كما يفعل البرهان الآن !!
• على كل حال، وقد إختار حميدتي أن يكون إلى جانب أخيه والبرهان، فإنّنا ندعو قوى الثورة مجتمعةً أن تطالب هيئة أركان الجيش بتوضيح موقفهم من الإنقلاب.. هل هم مع البرهان وحميدتي أم أنهم ينأوون عنهما..لأنه سيأتي زمانّ سيسائلهم فيه التاريخ وقبل ذلك هذا الشعب، وأهلوهم وأبناؤهم وأحفادهم عن الموقف الذي سيتخذونه.. وستسائلهم العدالة الديموقراطية..
• لابد أن تسعى قوى الثورة للحصول على بيان صريح من هيئة أركان الجيش السوداني يوضح موقفهم بالضبط من إنقلاب البرهان وحميدتي، ليتم فرز الصفوف، ولتتمايز الأكوام حتى تميز الثورةُ الخبيثَ من الطيب !!