الطريقة التي تعامل بها البرهان مع المبعوث الأميركي، وهو مبعوث اقوى دولة في العالم، كانت مهينة جدا، وتوضح ان البرهان والانقلابيين لا يفهمون في أمور الدبلوماسية ولا السياسة، وأنهم مجرد أشخاص بسيطين أوجدتهم الصدفة السوداء في مسار الثورة السودانية.
لنشرح ذلك، في ٢٤ اكتوبر التقى البرهان بالمبعوث الأميركي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فليتمان، بحضور حميدتي وحمدوك، أكد البرهان في ذلك اللقاء تمسكهم بالوثيقة الدستورية. غادر المبعوث الأميركي الخرطوم مساء ذلك اليوم، وفجر اليوم التالي، اي فجر ٢٥ أكتوبر قام البرهان بتنفيذ انقلابه على الشرعية الدستورية.
في رده على أسئلة الصحفيين لاحقا بعد الانقلاب، صرح المبعوث الأميركي فليتمان بأن البرهان لم يلمح له حتى بانهم سيقومون بالانقلاب واعتبر ما حدث خيانة.
الموقف الاميركي الراهن متشدد جدا ضد عساكر الانقلاب الذين تعاملوا مع أميركا كأنها طفل صغير، تقول لها شيء، ومن خلفها تفعل شيئا اخرا. وقد ذكر الحد الأدنى منه المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس حين قال (الحد الأدنى في السودان هو العودة إلى العملية الانتقالية والحكومة بقيادة مدنية وليس هناك أي غموض في موقف الشعب السوداني، وكذلك ليس هناك أي غموض في موقف الولايات المتحدة).
نعلم ان أميركا لا تحمل في يدها حلا سحريا لازمة السودان، وأن الحل الفعلي بيد اهل السودان، وأن شعب السودان كما اقتلع البشير بدون دعم أمريكي فهو قادر على اقتلاع البرهان وحميدتي، ولكن موقف أميركا المناهض للانقلاب يعني عزلة الانقلاب دوليا، في ظل الوضع الاقتصادي الصعب داخل السودان، والتعقيدات التي فرضتها جائحة كرونا عالميا، فان استمرار هذا الانقلاب حاكما معزولا من سابع المستحيلات، ومتوقع في أي لحظة انهياره وحدوث الانشقاقات داخله، أو هزيمته هزيمة ساحقة بواسطة الشارع.
قادة الانقلاب لا يكنون اي قيمة للوطن، ولا شعبه، هم قتلوا الشباب وسجنوا كبار السن، واعتدوا على النساء بواسطة المليشيات التي لا تحمل من أخلاق السودانيين ذرة، لو كانت عندهم ذرة وطنية ونخوة سودانية، لسلموا السلطة يوم خروج الملايين ضدهم في ٢٥ و٣٠ أكتوبر، ولكنهم لا يهتمون بالوطن ولا بالشعب، كل ما يهمهم هو انفسهم وذواتهم الفانية، وللأسف هم يستخدمون القوات المسلحة بضباطها وجنودها واسلحتها درعا لحمايتهم هم وليس لحماية الوطن.
هم يحمون أنفسهم بهذا الانقلاب من غضب الشعب، الذي سيحاسبهم حسابا عسيرا على قتل الأبرياء ابان حكمهم الأول، حكم المجلس العسكري، في مذبحة فض الاعتصام، ثم قتلهم الأبرياء من الشباب بعد هذا الانقلاب، لذلك إن كانت هناك ثمة مفاوضات مع الانقلابيين، فيجب ان تدلف مباشرة لمناقشة امر واحد فقط وهو خطة خروج امن لهؤلاء الانقلابيين من السودان، فشعب السودان ما عاد بينه وبينهم تفاوض أو حوار أو شراكة، فقط النضال والمقاومة حتى الاطاحة بهم الى المذبلة بجوار البشير وغيره من الطغاة.
يوسف السندي
Sondy25@gmail.com