أعلنت قوى الحرية والتغيير موقفها الواضح بالأمس في بيان رسمي، بأن لا تفاوض مع الانقلابيين ما لم يعيدوا الوضع الى ما كان عليه قبل ٢٥ اكتوبر، بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وإعادة السلطة اليه والى جميع الوزراء.
قد يعترض بعض الثوار على موقف قحت وبالتحديد على جزئية اعادة الأمر إلى ما قبل ٢٥ أكتوبر التي وردت في بيان الحرية والتغيير، ويعتبرونه تنازلا، لأن الشارع قال كلمته الواضحة وهي ان لا تفاوض مع الانقلابيين ولا مساومة ولا شرعية فقط اسقاطهم والحاقهم بالمخلوع في كوبر. ولكن يجب النظر الى ان قحت جسم سياسي، والسياسي احيانا لا يتعامل كما يتعامل الثائر، فالسياسي يتعامل مع قوى الداخل والقوى الخارجية بينما الثائر يتعامل على الأرض فقط وفوق الميدان.
قوى الحرية والتغيير كجسم سياسي لا تريد أن تخسر موقف الدول العظمى كامريكا ودول الترويكا التي اصدرت مواقف وبيانات واضحة لا لبس ولا غموض فيها تطالب الانقلابيين بإعادة الأمور إلى ما كان الواقع عليه قبل ٢٥ أكتوبر. وبالتالي أعلنت عن مطالبتها بنفس ما طالبت به هذه الدول، وهذا موقف سياسي حصيف، يظهرها بمظهر الجهة المتزنة وغير المتعنتة.
لو رفعت قوى الحرية والتغيير شعار (تسقط بس) وتجاهلت موقف الدول الكبرى، قد يعتبرها المجتمع الدولي متعنتة، وبالتالي يكسب الانقلابيون نقاطا دولية، لكن موقف قوى الحرية والتغيير السياسي الراهن ذكي وكسب جميع الاراضي الدولية، حتى الأمم المتحدة التي اعترفت بحكومة حمدوك ممثلا شرعيا للشعب السوداني، وهو ما حاصر الانقلابيين، وجعلهم في عزلة دولية شبه كاملة.
لذلك لا يجب ان يقارن الثوار موقف قحت بموقف لجان المقاومة، فالسياسي له شغله، والثائر على الارض له شغله، والموقفان يحاصران الانقلابيين داخليا وخارجيا ويمنعان عنهم الدعم الذي يبحثون عنه وينزعان عنهم الشرعية التي يسعون إليها.
الانقلابيون لن يعيدوا واقع البلاد إلى ما قبل ٢٥ اكتوبر، فهذا سيمثل انكسار ساحق لهم، سيكابرون ويتمسكون بانقلابهم ويظلون في هذه العزلة، لذلك مطلب قحت بإعادة الوضع إلى ما قبل ٢٥ أكتوبر هو موقف سياسي مبني على قراءة سليمة لمحاصرة الانقلاب دوليا، فلتواصل قحت الضغط السياسي، وليواصل الشعب السوداني هوايته المحببة في إسقاط الانقلابات وفي إضافة البرهان وحميدتي إلى قائمة المخلوعين بأمر الشعب.
يوسف السندي
sondy25@gmail.com