أفصح عبد الفتاح البرهان عن نواياه الانقلابية في 13 أغسطس من عام 2020 عندما وقف أمام جمع من الضباط بمناسبة العيد ال66 للجيش السوداني، وفتح النار على حكومة عبد الله حمدوك، ونثر أكاذيب من الوزن الثقيل عندما قال إنهم عرضوا على الحكومة ايلولة شركات الجيش إليها و”رفضت العرض”، ثم كانت الطبزة التي لم يتوقف كثيرون عندها طويلا عندما قال: عرضنا عليهم 300 مليون دولار من قروش أولادنا ال بيحاربو في اليمن ورفضوها” فقد كانت تلك “ادانة” لجنودنا في اليمن بالارتزاق، ويجدر بالتذكير ان البرهان هو الذي رافق الدفعة الأولى من أولئك الجنود الى اليمن على عهد ولي نعمته عمر البشير، ثم قال “عاوزين تفويض”، ويبدو أنه رهن إتمام الانقلاب بالحصول على التفويض المنشود لأنه لم ينس تراجعه ذليلا أمام حراك 30 يونيو 2019 الجماهيري الذي أجبره وأشياعه في المجلس العسكري الذي انفرد بالحكم منذ ابريل 2019 على قبول الشراكة مع المدنيين
ويتضح الآن ان حميدتي وشمس الدين كباشي كانا يعملان خلال مفاوضات جوبا للسلام مع الحركات المسلحة على استقطاب قيادات تلك الحركات بعطايا ووعود ولو كانت غير قابلة للتحقيق على ارض الواقع، ولكن ما كان يهم اثنين منهما، وهما جبريل إبراهيم ومني مناوي هو الحصول على قسم كبير من كعكة السلطة لشخصيهما، ثم كان ما كان من أمر تحول الخرطوم الى جبانة هايصة بوصول كتائب من جنود الرجلين، ثم ظهور “حركات تحرير” من فبركة الأجهزة النظامية، وانفلت زمام الأمن وظهر قطاع طرق قبليون في معظم الأقاليم دون ان يتصدى لهم أي من الجيوش العديدة التي في الخرطوم، ثم حدث انقلاب المدرعات والذي يُرَجّح أنه افتراضي (هل يقبل العقل ان قادة المدرعات الذين دبروا الانقلاب لم يجدوا له قائدا سوى عميد متقاعد هو عبد الوهاب بكراوي- برجل واحدة؟) وعندما حانت ساعة الصفر التي حددها البرهان تم تشكيل تحالف قوى الحرية والتغيير فرع قاعة الصداقة وأعقب ذلك اعتصام الموز حيث تم رفع لافتات تدعو الجيش لاستلام السلطة، وبذلك افترض البرهان انه حصل على التفويض والسند المنشود.
وكان الانقلاب، وإذا بالسند فص ملح وداب، واتضح ان قادة اعتصام الموز أشخاص بلا صدقية أو أتباع أو فكر أو رؤية، ولو كان البرهان نفسه يتحلى بأي قدر من الفهم لمنع الببغاوات التي تسبح بحمده في محطات التلفزة عن الكلام، ولاستضاف عسكوري وهجو وأردول في بيته تحت حراسة مشددة كما فعل مع حمدوك حتى يضمن سكوتهم، ولكن يبدو أن شن وافق طبقه، وهكذا اجتمع حول “الرئيس البرهان ” التعيس وخائب الرجاء، ومنذ 25 أكتوبر ونحن نسمع ونرى تجليات الجهالة الجهلاء والضلالة العمياء والغي الموفي بأهله على مزابل التاريخ.