أولاً اعتذر للقارئ الكريم بأن (التو هجو) كشخص لا يعنيني في شيء…وأنا والله لا أعرفه ولا أريد أن أعرفه .. ولكن ما يهم هو (متلازمة التوم هجو) كمرض اجتماعي وبؤرة صديدية.. ويعنيني تقصّي هذا النموذج من الكورونا البشرية المتحوّرة.. وأنا لا انفق هذه السطور للحديث عن هذا الشخص ولكن عن (الظاهرة) التي تجسّد بعض ما حاق ببعض السودانيين من خراب لا تعرف منشؤه.. فهذه من النماذج الغريبة التي لا يكاد الشخص يظن أنها موجودة بيننا وأن أشخاصاً (بهذه المؤهلات) يشاركوننا في حمل الجنسية السودانية أو أنهم يمكن أن يكونوا بين الذين يتحدثون في شأن الوطن ومصائره في المحافل ومنابر الإعلام..! ولكننا شاهدناه على شاشة وإذاعة البي بي سي..فكيف تتسلل مثل هذه الشخوص حتى يراها الناس تتحدث في قنوات دولية..؟! هذه من عجائب الأوضاع السودانية والثغرات الكارثية الناشئة عن الانقلابات العسكرية التي تنطمس فيها الموازين وتنقلب أقدار الناس رأساً على عقب..! فما بالك إذا كان الانقلاب الذي جاء لنا بهذه الظواهر وهذه الشخوص اللزجة البغيضة القميئة هو انقلاب يقوده البرهان وحميدتي..؟! (حدّث ولا حرج)..!!
هي ظاهرة يمثلها هذا الشخص وقد حاولت أن أرى ماذا يقول للإذاعة والقناة البريطانية في برنامج (بلا قيود) الحواري وكنت اعلم أن المذيعة لا تسعفها التفاصيل عما يحدث في السودان ولا تعلم عن الوثيقة الدستورية والتعديلات التي أجريت عليها ولا المخالفات الجسيمة التي قام بها البرهان ولا قتل المتظاهرين السلميين .. كما إنها لم تواجه سيل الكذب الذي يتدفق من ضيفها بموازين الجماهير الهادرة التي ترفض الانقلاب وشرعية الحكومة المدنية؛ وسمحت له بان يردد ويكرر أن البرهان استجاب لرغبة الشعب السوداني ومطالبته بالانقلاب..!! ولعل المذيعة تقزّزت من رذاذ البصاق الذي ينطلق من فم ضيفها (عبر الأثير الافتراضي) وتضايقت من لهجته و(لولوته) وانحدار لغته وسحنته وهو يكذب فأرادت أن تمضي دقائق البرنامج كيفما اتفق وعلى وجهها كل تعبيرات الضجر والسأم و(القرف)..!
لو كان هناك خبير في كشف الكذّاب من نبرات صوته وتعبيرات وجهه وحركات العيون المطفأة الكليلة و(ارتخاء عضلات الفك) عند المبالغة في الكذب وفي قلب الحقائق لأفادنا عن هذه الظاهرة.. وهي في الحقيقة حالة لا تحتاج إلى خبير لاستخلاص الكذب الرخيص الذي ينساب من أشداق هذا المخلوق وهو يعلم أن البرهان خالف الوثيقة الدستورية وطعن في صميمها وتجاوز الصلاحيات إلى درجة القيام بانقلاب واعتقال من يسميهم شركاء..! ولكن ضيف البي بي سي يهوّن من القتل والاعتقالات ويقول إن البرهان لم يعتقل جميع الوزراء..!! (وهل تظن انه يمكن أن يعتقل جبريل إبراهيم)..!! إنها الظاهرة الغريبة التي تتمثل في تبرير الأجير (الهويّن) لخطايا سارقي الشرعية وناهبي موارد الوطن..!
نحن نتحدث عن الظاهرة وليس شخص حاملها… ومنشأها لا يعود فقط إلى الجهل..) بل تعود ظاهرة هذا الصنف من البشر بالإضافة إلى (الجهل النشط) إلى مصفوفة شريرة متشعبة تحوي طائفة من العلل المرضية التي من بين أعراضها: النفاق و(الدهنسة) والاستخذاء والانبطاح واحتقار الذات والتكالب على الفتات وخراب الباطن والانتهازية والتسلق وفراغ الفؤاد وموات الضمير وهوان النفس وعدم الحياء والمجاهرة بالعيب وفقدان الوازع.. بل لها أغوار وأبعاد أخرى تتعلق بخلفيات المهنة والسلوكيات الجانحة التي تبدر من الشخص نتيجة لأكل السحت.. وعندما تسوّل له نفسه أن يتحوّل فجأة من (عالم البقالة) والبيع المغشوش للممنوعات من (تحت الطاولة)..إلى أحلام ركوب الموجة والولوج للعمل السياسي عبر الانقلابات التي تأتي في كثير من الأحيان بالوضيعين (بل الأكثر وضاعة) ليقفوا ضد إرادة الشعب.. وتختار منهم الذين لا يخجلون من المجاهرة بالباطل ولا يختشون من مصادمة الرأي العام.. فتنتشلهم من الفاقة وتأتي بهم من المجهول ليصبحوا في غمضة عين من أرباب السياسة ..إلى درجة أن يقول صاحب هذه الظاهرة أمام العالم أن البرهان قام بالانقلاب تنفيذاً لإرادة الشارع السوداني..!!
أنا اعتذر (مثني وثلاث رباع) إذا فهم أحد أن هذه السطور تعني شخصاً بعينه لا يستحق أن يكون موضوعاً لأي حديث.. لكن لا اعتذر عن مناقشة الظاهرة التي يمثلها..فهناك ممن فرّختهم الإنقاذ من ذات الصنف عديم الحياء الذي يخرج علينا بفك مرتخٍ أو قلمٍ ملوث تأييداً للإنقاذ وانقلاب البرهان وحميدتي.. ويتجاهل الشباب الذين قتلهم رصاص الانقلاب.. والأسوأ والأضل هذا الذي يريد أن يموّل بقالته في بلاد الخواجات من دماء الشباب..!!
murtadamore@yahoo.com