يمكن وصف البرهان ورهطه بأنهم خونة بجدارة، لأنهم خانوا الشعب، وغدروا به، وهم يحاولون في سبيل مصالحهم الضيقة اغتيال الأمل الذي زرعته في دواخل أبنائه ثورتهم الباسلة، التي رفعت شعار “حرية.. سلام.. وعدالة”.
ظهرت خيانتهم منذ البداية حين غدروا بشبابنا وهم صائمون، لينتهكوا حرمة الشهر، وحرمة النفس، ثم بعد ذلك نفضوا أياديهم من اتفاقهم مع قوى الحرية والتغيير، لولا إرغام الثوار لهم بمليونيات 30 يونيو 2019م، وإعادتهم إلى طاولة الحوار مرغمين، حتى جرى التوافق على الوثيقة الدستوريَّة.
جبريل ومناوي من الخونة أيضًا، لأنهم من جاؤوا من الفنادق الوثيرة ليكتسبوا صفة الثوار، ثم كسبوا ما لم يكن أحدهما يحلم به في يوم ما، ومنح الثوار مناطق الصراع بأريحية وبطيب خاطر امتيازات إيجابية، حتى أصبح مساعد البشير في يوم ما حاكمًا لإقليم دارفور، وحين حدث الانقلاب، وضع يده في يد من أذاق أهله الويلات، من دون حياء من ضحايا الممارسات العنصريّة لرئيسه البشير، وليتحدث ربيب الترابي جبريل عن أبواب السماء المفتوحة، التي يواجهون بها عقوبات المجتمع الدولي، كأنه لم يقسم يومًا على صون الديمقراطية، وتغليب المصلحة الوطنية.
خائن برهان وحميدتي والعصبة بجدارة، وقد ضيقوا على الشعب، وجففوا السوق من السلع الضروريّة، وأوعزوا لربيب العسكر محمد الأمين ترك ليستغل موقعه ناظراً ليغلق الميناء، والمطار، والطرق، كما أطلقوا النقرز في الخرطوم والولايات ليخلقوا فوضى أمنيّة أرعبت المواطنين، ونالت من أرواحهم وأموالهم، ذلك كله من أجل أن يظهروا الحكومة الوطنية بالضعف والهوان والإخفاق.
لقد خانوا مسؤولياتهم حين تحولوا إلى معاول هدم للوطن الذي حملهم مسؤولية عيشه وأمنه.
وجاءت الخيانة الكبرى بفتحهم البلاد أمام المخابرات من عرب وعجم، ليقدموا لهم وصفات إخضاع الشعب وإذلاله، فاقتحم جنودهم البيوت وداخليات البنات والأولاد، منتهكين الحرمات، وممارسين القهر والسطوة على الشباب، لكسر شوكتهم، وإذلالهم، وقد قطعوا النت حتى لا يعلم العالم جرائمهم، ما دروا أن هذا الشباب الذي وثق خيانتهم في فض الاعتصام، وفي المليونيات، لن تعوزه الحيلة لفضح ممارساتهم المخزية.
واستبدَّ الطغيان بالبرهان ليتجرأ ويستعين بإسرائيل في وضح النهار، لتفضحه تصريحات أعوانه الجدد، وتوسلات الولايات المتحدة لمدللتها بكف يدها عن السودان.
ما هذه الخسة التي لم يأت بها أحد قبل البرهان، ولن يماثله في مقبل الأيام أحد.
خسة جعلته يمارس القهر على من زاملوه في السيادي والسلطة التنفيذية، فقط لأنهم كشفوه، وما كشفوا لأدبهم غير القليل من سوء أفعاله.
وهذه الخسة ذاتها جعلته يجروء على إعادة زيانية النظام البائد في الخدمة المدنيّة من دون أن يطرف له جفن، كما دفعته إلى الاستعانة بالانتهازيين، حتى وضعهم في سلة واحدة، ليذهبوا جميعًا إلى مزبلة التاريخ التي تنتظرهم.
واستقواءً بهؤلاء الذين كانوا سببًا في سقوط الإنقاذ يحاول البرهان أن يسارع الزمن، ليفرض الأمر الواقع، وهو هنا يقرأ من كتاب غير كتاب الشارع السوداني، مما يعني أن مصيره سيكون مختلفًا عن مصير أولئك الذين يزينون له المضي في عناد الشارع، لأن لهم مصلحة في أن يبقى هذا الشعب العظيم فقيرًا، مقهورًا، ومنبوذًا من العالم حوله، بما كسبت يد الخونة من أبنائه.
إن مقاومة الانقلاب والانتصار عليه بإذن الله تجربة تضاف إلى تجارب شعبنا الأبي، حتى يكون هذا الانقلاب البرهاني، وما هو إلا انقلاب الحركة الإسلاميّة في نسخة جديدة، آخر صفحات العسكر المتخاذلين، وصفحة جديدة لقوات الشعب المسلحة لتتبرأ مما كان في الماضي من تجني بعض منتسبيه على شعب ظلَّ يفاخر بها، ولتتضلع بمسؤولياتها في بسط الأمن في ربوع البلاد، وحمايتها من أطماع الآخرين، وإعادة أراضيها المسلوبة، وفرض هيبتها، ليعود للوطن شموخه وعزته.
مليونية 13 فبراير تؤكد أن الردّة مستحيلة، حمى الله شعبنا من الشرور، وبارك في أبنائه الشرفاء.