قالت الشرطة السودانية في بيان بثه التلفزيون الرسمي يوم السبت (13 نوفمبر 2021م) إنها لم تستخدم “أسلحة نارية” في تعاملها مع المتظاهرين، بينما لجنة أطباء السودان أكدت سقوط 5 شهداء في مليونية الغضب، واسترداد المدنيّة.
يا ترى من قتل هؤلاء الشهداء؟ ومن الذي هاجم المستشفيات وطارد الشباب، واقتحم البيوت، واعتقل النساء؟ على من يضحكون؟
يشهد السودان انقطاع الإنترنت والهاتف لمدة 19 يومًا، على الرغم من صدور حكم قضائي بإعادته، وقد دفع الانقلابيون الحكم بحجة أن وسائل التواصل الاجتماعي مدخل للفتنة، بينما هم يريدون ممارسة عنفهم وشراستهم على شعب مسالم أعزل.
وتواصل الشرطة الادعاء بأن المظاهرات كانت ذات طابع سلمي لكن “سرعان ما انحرفت عن مسارها”، مؤكدة إصابة 39 فرد أمن بإصابات جسيمة.
يا ترى من أصاب هؤلاء، بينما لا أحد يحمل سلاحًا، والجميع ملتزمون السلميّة، ويتفادون أي التحام بالقوات النظاميّة.
ويرى صحاف الانقلاب العميد الطاهر أبوهاجة المستشار الإعلامي للفريق البرهان أن التظاهرات حررت “شهادة وفاة” للقوى التي تدعي أنها تمتلك الشارع، وهو هنا لا يختلف عن الصحاف وزير الإعلام العراقي الذي كان يدعي أن الجيش العراقي يسيطر على الموقف، حتى تفاجأ الجميع بالقوات الأميركية في قلب بغداد.
بالله بأي عين يرى هذا المنافق، الذي لا همّ له غير تزيين الباطل لقائده، الذي كغيره من الطغاة لا يرى الشارع، وإنما يكتفي بالقول الذي يرضي غروره، والتقارير التي تزين فعله، مهما كان سيئًا، ومضرًّا له قبل غيره.
ويدعي الرجل الكذوب أن “القوى الأمنية مارست أقصى درجات ضبط النفس رغم الاستفزازات غير المبررة”، وإذا كانت آثام من مارسوا العنف على المتظاهرين جليّة، ومجسدة في القتلى والجرحى، فهل يستطيع الصحاف أن يأتي بدليل على الاستفزاز؟ لعله لم ير الشاب الذي وقف بشجاعة يشير إلى العربة التي أحرقها أحد العسكر، وفرّ، حتى يقال إن المتظاهرين أحرقوها، ليجدوا مبررًا لممارسة العنف، فالشباب واعٍ لأهمية التوثيق، وهو حريص على سلامة كل خطوة يخطوها، وهذا سر نجاجه في إبهار العالم.
ويواصل الصحافة كذبه وادعاءه فيقول:”ما حدث اليوم جعل المؤسسة العسكرية أكثر حرصًا على التحول الديمقراطي، والاستعداد للانتخابات”.
ولم يعرفنا على أي نحو فهم وسادته ما حدث؟ بينما رسالة الشارع الواضحة أن لا مشاركة سياسيّة للعسكر بعد اليوم.
لم أفهم كغيري هدف إقامة الانتخابات وكيفيتها، إذا كان البرهان قد كفر بالقوى السياسيّة، وأقصاها من المشهد، وزج بقياداتها في السجون، وينكل ببعضهم، واستبدل الجهوية لتصبح الحاضنة، وحتى في هذا لم يحسن الاختيار، فجاء بالكيزان والأراذل من أقاليم السودان ليكونوا في المجلس السيادي، وبالتأكيد سيكون مجلس الوزراء على شاكلتهم، كما استقدم الكيزان من المهاجر التي فرّوا إليها ليمنحهم المناصب، التي فرغها من كل معارض لانقلابه.
لم نفهم بعد كيف يمكن إقامة حياة ديمقراطية بلا أحزاب سياسيّة، أم أنه سيجري استنساخ أحزاب جديدة، أو إطلاق حاضنة سياسية كالاتحاد الاشتراكي، لنعود القهقري إلى الوراء.
لفت انتباهي تعليق أحد أعضاء ما يسمى بقوى الحرية والتغيير – التوافق الوطني، وهو يستشهد بتونس، التي عطل فيها الرئيس الدستور، وعلق البرلمان، وهذا يعني أن هؤلاء يتوهمون أنه في الإمكان استنساخ أي نظام أحادي وفرضه على شعب السودان.
ونحن نقول لهم: لا تجهدوا أنفسكم بالقراءة في كتب الآخرين، فكتاب الشعب السوداني مختلف وواضح، وهو “حرية.. سلام.. وعدالة”، وهذا الشعار ترجمته لا تكون إلا بمفارقة العسكر الحياة السياسية، ليهتموا بوظيفتهم، مثلهم مثل كل المهنيين، لأن حدود السودان المنتهكة، والأمن الفارط في ربوعه، وكل مظاهر الانفلات وعدم الانضباط في الأداء تجعل بلادنا مطمعًا، وأراضيها لقمة سائغة.
فهل أدرك البرهان وصحافة الرسالة، وهل تيقنوا أن الانتخابات التي يبدون شوقًا إليها تعني أن يعودوا إلى ثكناتهم، ويركزوا في “شغلهم”، بدلاً من الانشغال بتحقيق حلم أبيه، أو إشباع نهمه للسلطة والتسلط.