كان العالم متفاجئا جدا بانتصار ثورة الشعب السوداني على المخلوع، فقد كان يتوقع من منطق الظروف التي تحيط بالسودان ان تتحول الثورة في أي لحظة إلى حرب أهلية أسوة بما حدث في سوريا وليبيا واليمن، فالسودان كان عبر تاريخ الإنقاذ فوق صفيح ساخن من الحروب، حرب في دارفور، حرب في جنوب كردفان، حرب في النيل الازرق، كان البلد يعج بالجيوش والمليشيات، وينتشر فيه السلاح بلا ضابط، لذلك توقع الكثيرون في ظل القتل اليومي للمتظاهرين والقهر والسجون والتعذيب ان ينفلت الوضع ويتحول السودان إلى سوريا جديدة او صومال جديد.
لم يحدث شيء مما كان يخشاه العالم، لم يتحول السودان إلى الحرب، والسر كان في تمسك الشعب السوداني بالسلمية، ومحافظته على رباطة جأشه في مواجهة الاستفزاز الكبير من قبل مليشيات المخلوع ورباطته، وقد ضرب الشعب السوداني مثلا عظيما بهذا الفعل.
الان وفي ظل انقلاب المجلس العسكري يواجه الشعب السوداني نفس التحدي ونفس الخطر، في ظل المذابح والقتل اليومي والسجون والتعذيب والإرهاب، على سبيل المثال عانت بعض أحياء مدنية بحري لثلاثة ايام متتالية من حصار رهيب استخدمت فيه القوات الأمنية كل وسائل الإرهاب غير المشروع، وقد وصل الأمر بهذه القوات إلى اقتحام بيوت العزاء واخذ بعض جثامين الشهداء من أجل دفنهم وطمس الجريمة، كما شهدت المظاهرات الحالية لأول مرة منذ انطلاق ثورة ديسمبر استهداف القوات الأمنية للكنداكات، حيث ارتقت الشهيدة ست النفر ببحري في مذبحة ١٧ نوفمبر، وهي تحولات تظهر نية المجلس الانقلابي في جر البلاد نحو الحرب الأهلية باستفزاز الرجال بقتل النساء واقتحام البيوت.
ممارسات المجلس العسكري مهدد حقيقي لاستقرار السودان، وتوجهه الاستفزازي يمثل خطرا محدقا بأمن البلاد ووحدتها، واستمراره في الحكم يعني سقوط السودان في الهاوية، وهو ما يهدد السودان ودول الجوار والعالم اجمع، مرة اخرى يعتمد السودان والعالم مجددا على تمسك الشعب السوداني الاعزل بالسلمية في مواجهة آلة القتل والقمع الانقلابية، فهل سيحافظ الشعب عليها؟!
يوسف السندي
sondy25@gmail.com