حاولنا في تلك الفترة بدء مشروع بناء هيئة تتحرر من كل الأخطاء البنيوية والهيكلية والتحريرية التي صاحبتها منذ تأسيس الإذاعة 1940 والتلفزيون 1962.
من أكبر العلل هو تخصص الهيئة منذ ذلك التاريخ في استيعاب وتدريب صحفيين يدينون بالولاء للحكومات لا للدولة والمجتمع.
المفارقة الغريبة أن المجتمع السوداني ظل منذ تاريخ تأسيس الإذاعة والتلفزيون هو الممول الأوحد وعندما يحتاج المجتمع إليهما في لحظاته التاريخية الفاصلة تختار الإذاعة والتلفزيون الزاوية الخاطئة للتاريخ.
لهذا ظللت طوال السنة والأشهر السبعة الماضية أعمل في اتجاهين، تطوير المحتوى والهوية من جهة، والضغط على الحكومة لإجازة قانون الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون لتصبح هيئة مستقلة مملوكة للمجتمع متحررة من احتمالات التحول إلى بوق دعائي لكل من يمتطى ظهر دبابة ويدخلها لإذاعة بيانات الانقلاب على السلطة الشرعية
هذه هي المهمة التي قبلت لأجلها أن آتى إلى السودان وتولى إدارة الهيئة، ولكن ما أحزنني هو الانتكاسة الصارخة للهيئة الآن وفقدانها الثقة في الساعات الأولى ليوم الخامس والعشرين من أكتوبر، وانحدارها المريع يوماً تلو الآخر منذ ذلك التاريخ، ولكن كما ستعود للسودان عافيته حتما ستعود العافية للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بإجازة قانونها هيئة مستقلة يملكها المجتمع السوداني وليس الحكومة.
مدير هيئة الإذاعة والتلفزيون
من صفحته بالفيسبوك