قرأت اليوم مداخلتين من بعض ما يمكن وصفهم بسندة انقلاب البرهان وحميدتي على الثورة، ومن ثم رد البلاد للهوة المالية الكبيرة التي كادت البلاد الخروج منها بجهد وفكر رئيس الوزراء دكتور حمدوك، المعتقل الان في داره.
حجج هؤلاء المتعاطفين مع انقلاب البرهان التي أرادوا بها اسكات هدير الثوار حجج ضعيفة لا تستند على أسس أو تجارب.
الحجة الأكثر تداولا بينهم هي أن مظاهرات الثوار، وان بلغت اعداد المتظاهرين بمليون أو اكثر، فهذا يدل فقط على شعور وأهداف المساهمين في المظاهرات. وهؤلاء قلة إذا ما قورنوا ببقية سكان السودان البالغ عددهم أربعين مليونا، والذين (فضلوا) البقاء في بيوتهم، ولم يشاركوا. وهذا السلوك هو الدليل على أن غالبية الشعب السوداني ضد الثورة، إن لم يكونوا مع العسكر.
الذين يروجون لمثل هذه الحجة ليسوا على دراية تامة بتاريخ استقلال السودان, والذي صوت له أقل من مئتي عضو في البرلمان، بعد أن أسقط أعضاء البرلمان فكرة استفتاء أو تصويت عام في البلاد لمعرفة ميول السودانيين في الأمر.
الحراك السياسي مهما كان نوعه او غرضه لا يشمل كل المواطنين، والا لما تقدمت الأمم. القلة المتمكنة من أمور السياسة هي التي تتحكم فيما يدور.
الثورة, من الناحية الأخرى، هي أكثر السبل للحصول على شبه إجماع المواطنين، خاصة الطليعة الرائدة والشباب وهؤلاء عادة في المدن، لا القرى او الريف.
من الجانب الآخر، هل اجرى قادة الجيش وقادة الفصائل المتمردة اختبارا او تصويتا لمعرفة آراء كل جندي في جيوشهم حين أعلنوا انقلابهم على زملائهم المدنيين في الحكومة واودعوهم السجن؟
الحجة الواهية الأخرى التي تسطرها أقلام المدافعين عن الانقلاب ندرة السلع الضرورية مع الغلاء المتصاعد وتفشي انعدام الامن.
الإجابة أن سياسة رئيس الوزراء حمدوك نجحت أخيراً في وقف هبوط الجنيه السوداني بعد رفع دعم السلع والتي كانت غالبيتها تهرب للدول المجاورة. اغلب السلع توفرت واسعارها ثبتت، قبل قفل ميناء بورتسودان، والذي يعتقد الكثيرون أنه مدفوع بقوى خارج بورتسودان.
أما مسؤولية الفوضى وانعدام الأمن فتقع في المقام الأول على وزارتي الداخلية والدفاع، وكلاهما بقيادة فريق أو لواء من الجيش والشرطة. المدنيين لا دور لهم هنا, ومن ثم إدانة حكومة حمدوك لإخفاقها هنا كان الأوجب توجيهه للجيش والشرطة.
يجب على قادة الجيش الذين فضلوا السياسة على عملهم العسكري لحماية البلاد أن يستقيلوا من الجيش، مثل رصفائهم في البلاد المتقدمة، ويدخلوا عالم السياسة كمرشحين برلمانيا، أو كتاب ونقاد أو مستشارين. سيكون لهم دور كبير في تغيير فكر السياسيين فيضعفوا بذلك الولاءات العرقية واللونية لرفعة البلاد والعباد.