• كل ما يقوله حمدوك في حواراته اللاهثة والمكرورة مبنى ومعنى، والتي فاقت عددا كل ما أجراه من حوارات منذ توليه الحكم قبل عامين، لن تخفي طبيعة الانقلاب الذي تم، بل وتكشف عن انسجامه مع الانقلاب وكل ما تلاه من اجراءات وقرارات، وانه اختار عن وعي جانب الانقلابيين، هذا إذا أحسن الناس الظن به.
• سيتكشف الأمر شيئا فشيئا، عن القوى الداعمة لما جرى من التفاف على الثورة، وقد قلنا من قبل أن هذا انقلاب مدني/ عسكري هجين، هدفه اعادة تشكيل الواقع السياسي واقصاء مجموعة المجلس المركزي وانهاء الالتزام بالوثيقة الدستورية على ضعفها، للخروج والتحلل من كل التزامات الثورة التي عبرت عنها، وما يجري قبل وقوع الانقلاب العسكري وبعده يشير لذلك بوضوح.
• سيتم استكمال الاستيلاء على الحرية والتغيير بواسطة المجموعات السياسية التي تم اقصاءها من قبل، ويعاد تشكيلها من جديد، وما اجتماعات منزل اللواء فضل الله برمة ناصر مع قوى منها، الا امتدادا لاجتماعات سبقت الانقلاب وتوقفت بالاعلان السياسي الذي تم توقيعه بالقاعة، واستأنفت نشاطها بعدها، حتى ما قبل انقلاب قاعة الصداقة، وسيتم ابعاد الأحزاب الثلاثة التجمع الاتحادي، وحزب البعث مجموعة السنهوري، والمؤتمر السوداني، وتجمع المهنيين (المجموعة المنشقة).
• خطوة حمدوك بتوقيع الاعلان السياسي، تم استكمال اعداد تحالفها السياسي خلال فترة اقامته الجبرية، وتواصلت عبر واجهة وساطة اللواء برمة ناصر من معه من قيادات سياسية تنتمي لبعض قوى الحرية والتغيير، والقوى التي بادر بالالتقاء بها بمكتبه بمجلس الوزراء من الحرية والتغيير، هي ذات القوى التي ظلت تتحاور معه طيلة فترة الشهر، والتي صاغت الاعلان السياسي، وستدعمه، وستعمل على تشكيل تحالف سياسي جديد، يضم احزابها وقوى الجبهة الثورية باعتبارها مجتمعة تمثل اغلبية قوى الحرية والتغيير في نسختها الحديثة، واشتات من القوى التي كانت حليفة للنظام البائد، مثل الحزب الاتحادي الأصل وحزب الأمة الاصلاح والتجديد، والاصلاح الأن، وتيارات اسلامية، ومجموعات السيسي ومسار وابو قردة علاوة على دعم حواضن اجتماعية مثل رموز من الاداراة الأهلية وطرق صوفية، كتحالف داعم للانقلاب الذي تم، وكواجهة مدنية مخادعة تحاول دعمه، استكمالا لأكذوبة الحكم المدني، وربما ينال بعض قادتها نصيبهم في مقاعد المجلس السيادي التي من المؤكد أن يعاد تشكيلها، بخلاف المشاركة في قيادة المؤسسات الحكومية، وكل الهياكل والمفوضيات التي سيتم تشكيلها.
• إن ما يجرى من تمثيليات باهتة حاليا، هي استكمال لخطوات الانقلاب التي ظلت تتشكل منذ فترة وكان حمدوك جزءا منها، وهو انقلاب هدفه الأول والأخير قطع الطريق على الثورة، وحماية ووراثة مصالح نظام الانقاذ ممثلة في رموزه ومؤسساته الاقتصادية والنظامية والسياسية، واعادة السيطرة على الدولة، والمستفيد الأول من كل ما يحدث هو حزب المؤتمر الوطني المحلول، وقادته وبقايا نظام الأنقاذ.
• سيتخذ الانقلاب لتحقيق أهدافه واحد من مسارين؛
المسار الأول: في حال فرض سيطرة الانقلابيين على الاوضاع، ومضى مخططهم ستفضي لانتخابات مشوهة، ومسيطر عليها تفضي لتكريس الوضع الراهن، وتخلق نظام حكم بشرعية زائفة، مثلما حدث ويحدث في كثير من دول المنطقة، ويحظى بدعم دولي، ويطوي للأبد الثورة ومطالبها وأهدافها.
- المسار الثاني: في حال تعثر ذلك التخطيط واصطدامه بالرفض الشعبي، وعدم مقدرة الحكومة بتحالفها على السيطرة الاوضاع، سيتم التخلص من حمدوك والاتجاه لقلب الاوضاع بشكل كامل، والسيطرة على الحكم دون اكتراث بالعواقب الداخلية والخارجية.
• ليس هناك حل سوى مواجهة هذا الانقلاب واسقاطه بالكامل، والتعامل مع حمدوك باعتباره شريكا في هذا الانقلاب، شأنه شأن كل المشاركين والضالعين فيه.