نقلت صحيفة “فايننشال تايمز” عن رئيس الوزراء السوداني العائد إلى منصبه، عبد الله حمدوك، بأن “اتفاقا عمليا” مع قائد الانقلاب الفريق أول عبد الفتاح البرهان كان ضروريا لتجنب الحرب الأهلية والحفاظ على المكتسبات السياسية. وفي مقابلة مع الصحيفة أجراها أندريه شيباني، دافع فيها حمدوك عن الصفقة مع الجيش مؤكدا على أهمية التنازلات لحماية الاقتصاد المنهك وتجنب سفك الدماء.
وقال حمدوك: “لقد توصلنا إلى الاتفاق، وهو قابل للتطبيق في ظل الظروف، وهو شيء جنّبنا النزول إلى منحدر زلق”. وكان حمدوك يتحدث في مكتبه، مضيفا: “قد تتطور هذه الأوضاع إن لم يتم التعامل معها بشكل جيد إلى فوضى وحرب أهلية”.
وتقول الصحيفة إن تحرك البنك الدولي والحكومة الأمريكية لتجميد أموال المساعدة، أضافت للضغوط على الطرفين وتوقيع اتفاق. فقد خرج السودان من عزلة دولية استمرت لعدة عقود، ويعاني من أزمة اقتصادية وتضخم وصل معدله إلى 360%. وقبل عام، وافقت الحكومة الأمريكية على شطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب مقابل التطبيع مع إسرائيل، وهو ما فتح الباب أمام فريق رقابة من صندوق النقد الدولي ومفاوضات مع المقرضين في نادي باريس الذي قد تؤدي في النهاية لتخفيف 56 مليار دولار من الدين السوداني الخارجي.
وقال حمدوك إن هناك عددا من الأسباب التي دعت لموافقته على الصفقة “أولا، وقف إراقة الدماء، ثانيا، الحفاظ على إنجازات السنوات القليلة الماضية، وأهمها الإنجازات الاقتصادية”، وهو ما دفعه لاتخاذ “قرارات غير شعبية بالكامل” مثل رفع الدعم عن الوقود والقمح الذي يمثل 10% من الناتج المحلي. ويأمل حمدوك، بأن يقنع الاتفاق الجديد المانحين للعدول عن قرارهم “عادة ما تذهب هذه المؤسسات حالا نحو العقوبات أو تلغي البرامج. لكنها لم تفعل، فقد جمدت وهو أمر يمكن العدول عنه بسهولة”. وتقدر هبة محمد علي، وزيرة المالية السابقة في وزارة حمدوك، حاجة السودان إلى 10 مليارات من قروض ومساعدات واستثمارات في الفترة المفضية للانتخابات.
لكن السودانيين لم يقتنعوا بالاتفاق أو من الصعب إقناعهم به. فهو بتشكيل حكومة تكنوقراط ليس فيها ساسة. ويقول صديق محمد إسماعيل، نائب رئيس حزب الأمة: “في الوقت الحالي، علينا دعم الاتفاق حتى نحقق عملية انتقالية تقود إلى انتخابات وديمقراطية”، وأضاف أن ما يريده البرهان “يتناقض مع الواقع؛ لأن السياسيين يجب أن يكونوا جزءا من الحكومة”. ويواجه حمدوك إمكانية خسارة حركة الاحتجاج والتي كانت عاملا مهما في الثورة التي أطاحت بالبشير عام 2019 والضغط على الحكومة لإعادته إلى منصبه.
وتحدث حمدوك بلغة فيها شك من الاتفاق: “اعتدت أن أصف المرحلة الانتقالية بالفوضوية وبعدما مررت به في هذه الشهور فإنني أسأت التقدير لأنها أكبر من ذلك بكثير”.