قلنا ونُعيد ونكرر بأن الشباب الذين أوقدوا لهيب الثورة بأرواحهم ودمائهم ولا أحد غيرهم هم الذين أعادوا السودان إلى حضن العالم ورفعوا إسمه من قائمة الإرهاب وحصلوا له على ميزة إعفاء الديون، فقد تحقق كل ذلك بإنهاء أولئك الأبطال لنظام الإنقاذ الذي كان السبب في وضع السودان بتلك المكانة وإبتلائه بالعزلة الدولية. مع الاحتفاظ للدكتور حمدوك بجميل الفضل في متابعة تلك الملفات وخبرته الاممية بالشروع في تنفيذها.
مشكلة الإنقلابيين أنهم إعتقدوا بأن كل ذلك قد حدث تقديراً من العالم للدكتور حمدوك في شخصه، ومن هنا جاء إستِمساكهم به وحده بعد أن ألقوا برفاقه في السجون، ولعل حمدوك هو الآخر قد إعتقد في صحة هذا التفسير من فرط ما تغنى الشارع بإسمه، وتبعاً لذلك، راهن الإنقلابيون على أن تلك الترتيبات سوف تمضي في التنفيذ ما دام الدكتور حمدوك قد ركب معهم في قطار الانقلاب.
بيد أن إستمرار الثورة جعل العالم يفطن لحقيقة الإنقلاب والإنقلابيين، ولم يشفع لهم وجود حمدوك على رأس الوزارة، فجاء قرار الادارة الامريكية بالتريث في تحديد الموقف من الانقلاب قبل أن تمضي في تنفيذ القرارات الصادرة، وتبعتها الحكومة الفرنسية بقرار مماثل بشأن إعفاء الديون، والجديد الآن أن السيناتور الأمريكي “كريس كونز” قد عاد لتقديم مشروع فرض العقوبات الفردية على الذين هددوا التحول الديمقراطي والسلام وحقوق الانسان بالسودان، وسوف يطرح ذلك على مجلس الشيوخ في أول جلسة إنعقاد.
وهكذا ضاعت كل المكاسب ورجع السودان للوضع الذي كان عليه أيام الانقاذ.