من المعلوم أن إعلان الطوارئ حالة معمول بها في كل العالم ، وعادة تتم عندما تكون هنالك مهددات للأمن القومي للدولة في أبعاده السياسية، والإجتماعية، والإقتصادية، وغيرها كالكوارث الطبيعية، وبما يتطلب ذلك من اجراءات خاصة، تقوم بها الدولة، لاحتواء تلك المهددات ، والتي قد تشمل تعطيل بعض القوانين، خاصة القوانين ذات العلاقة بالحريات العامة والخاصة، وحقوق الانسان .
إعلان حالة الطوارئ، في الغالب حق رئاسي، يختص به حاكم الدولة ،اللهم الا إذا فوًض بعض ولاته، وفقاً لنص دستوري، ليعلن الطوارئ في الولاية التي يحكمها لاحتواء موضوع معين، يكون له تأثير على الحياة العامة في حدود ولايته .
عند التفكير في إعلان حالة الطوارئ، لابد من التفكير ملياً في ذلك بحثاً عن البدائل، وبما يؤدي لتفادي تأثيراته السالبة على الدولة ككل، إذ أن اعلان الطوارئ عندما يتم تكون له انعكاسات على الدولة، في بيئتها الاقليمية والدولية، حيث يتم النظر اليها بأنها دولة عير مستقرة، وعن هذا سوف تتحدث وسائل الاعلام بكافة أنواعها عن الإعلان تحت عنوان واحد يتمثل في (إعلان حالة الطوارئ في السودان ) وأن كانت حالة الاعلان مقصود بها ولاية بعينها ، أو منطقة محددة بحدود معلومة. كما يصبح إعلان كهذا مجالاً لتحليلات أجهزة المخابرات كافة، يُحدد على إثرها تداعيات ذلك على الأمن القومي للدولة، ومن ثم يتم استغلاله لأقصى درجة في الصراع والاستهداف، اضعافاً للدولة، التي تعيش هذه الحالة. كما أن هذا الإعلان يُحدث تأثيرين خطيرين بالدولة :
اولاً: التأثير النفسي والمعنوي على مواطني الولاية خاصة والدولة عامة.
ثانياً: التأثير على علاقة الدول الأخرى مع دولة الطوارئ، خاصة في المجالين الاقتصادي والاستثماري، إذ ستتوقف المشروعات التي يُخطط لتنفيذها، وتضعف تدفقات رؤوس أموال المستثمرين باختلاف انواعهم .
ثالثاً: تتعطل التنمية التي لا تتم إلا في مجال مستقر وآمن .
رابعاً : تتضاعف النظرة السالبة للمجتمع الدولي تجاه الدولة التي أعلنت حالة الطوارئ جزئيا او كلياً، وفي هذه معلوم ومعروفة نظرة العالم للسودان ، ولكنه دولة يبدو أنها تعودت ألا تعيش إلا في ما أستطيع ان اقول عليه (مكهرب). في ظل عدم التحسب أو حتى التفكير فيه جاء خبر اعلان والي ولاية شمال كردفان الطوارئ في الولاية التي يحكمها مفاجئاً للكل ومحبطاً لمواطني الولاية التي تسير الحياة فيها بأكثر مما يمكن ان أسميه (أمناً وطمأنينة) بالرغم مما يعيشه سكانها من إحباطا وحيرة لأسباب تتعلق بالظروف المعيشية، الحادة والصعبة التي يعيشونها .
يعلم أهل الولاية والسودان كافة أن إعلان الطوارئ جاء مربوطاً بقرار الدولة بجمع السلاح المنتشر خارج الأطر الرسمية، مركزاً على ولايات الغرب، و بينها ولاية شمال كردفان، وذلك ما نقره بلا حدود مع التحفظ على المنهجية والأسلوب وطريقة التنفيذ.
نقول يجب أن يتمدد ( قر ار جمع السلاح) إلى كل السودان بدون تمييز، وبما يحفظ الأمن القومي، ويعيد الاستقرار، هذا تامين للاعتبارات التي تعطي المواطن الثقة مع الأمن، الذي هو من مسؤوليات الدولة.
ومع هذا، هناك الحيرة والفجائية، إذ لابد من إيجاد إجابة في شأن أسباب إعلان حالة الطوارئ فقط في ولاية شمال كردفان، مقرونة بالتأثيرات السالبة التي ذكرتها آنفاًً من خلال الاسئلة الاتية: ؛
1 . هل هناك تهديد بهجوم مسلح على ولاية شمال كردفان من الحركات المسلحة او من أي جهات أخرى، وكما معلوم فان لولاية كردفان بعدا استراتيجياً بحسب موقعها من مركز القرار السياسي والاداري القومي (الخرطوم) ومن ثم فلا تهاون في أمن الولاية؟ .
2. هل هناك معلومات بأن بالولاية توجد نذر تمرد أو نشاط تخريبي بداخلها يحتاج لإعلان الطوارئ ؟ .
3. هل تتفوق الولاية على ولايات الغرب الأخرى في انتشار السلاح، والصراعات القبلية، ووجود الحركات المسلحة في داخلها وجوارها مع الدول الحدودية، أو في تجارة السلاح ، وهل هي الولاية الأكثر اعتداء على المال العام والخاص بالمقارنة بولايات أخرى؟ ، المؤكد أنها الأكثر أماناً.
4 . هل رفضت الادارة الأهلية بولاية شمال كردفان جمع السلاح، وهل قاوم أي من سكانها أو جماعاتها قرار جمع السلاح ؟ دون شك الاجابة بلا ، والشاهد على ذلك ما صرح به وأعلنه زعماء الإدارة الاهلية وقياداتها عقب اجتماع الوالي بهم.
ويكفي الولاية فخراً أن بادر أمير الجبال البحرية بتسليم مركبته ذات الدفع الرباعي، والتي اشتراها بحر ماله، دون أن يسأل عن قيمتها أو رد حقه، لكن أهل الولاية فوجئوا بمكافأتهم على مواقفهم بان تُعلن الولاية ولاية طوارئ .
جمع السلاح بولاية شمال كردفان كان من الميسور أن يتم في هدوء وبالقوانين سارية المفعول، مدعومة بقدرات القوات المسلحة وأجهزة المعلومات والقضاء الفاعل والناجز .. وقبل ذلك بالإعلام المخطط، له تبصيراً وتنويراً مسبوقاً بأدوار السياسة ومنظمات المجتمع المدني، والتحرك داخل مجتمع الولاية ، حيث بادرت الإدارة الاهلية بالقيام بدورها.
ما تم أحسبه إشانة لسمعة ولاية شمال كردفان، كما أعتبر ذلك بمثابة إشانة لسمعة المرأة الحسناء، لأن الولاية لم يعرف عن أهلها عير التعايش السلمي بل هي ولاية السلام التي رفض أهلها استخدام السلاح، حين جرى التخطيط لإشعال الحرب فيها.
آمل أن تأخذ الدولة بعلم البدائل، في ادارة قضاياها، وأن تأخذ بالأخف حدة ووطأة، حفاظاً على سمعتها، ولتحسين صورتها، وتجميل وجهها لدى الاخرين ما استطاعت لذلك سبيلاً .
ختاما أقول : نريد أن نسمع إجابة مقنعة، حول أسباب إعلان حالة الطوارئ بولاية شمال كردفان ، ونظل في حالة انتظار لنرى إن كان المجلس الوطني ( البرلمان) سوف يجيز قرار إعلان حالة الطوارئ، و يستوعب ما كتبت ليتفاكر أعضاؤه مع رئيس الجمهورية في هذا الشأن .
لله الامر من قبل ومن بعد، وبه التوفيق.