يعد اجتماع لمدة يومين خلص المكتب السياسي لحزب الأمة القومي إلى اعتبار الاتفاق السياسي بين البرهان وحمدوك لا يلبي تطلعات الحزب ولا الشارع. وهو موقف عظيم يؤكد ان حزب الأمة القومي ينسجم الان مع موقفه التاريخي الرافض للانقلابات العسكرية وللطرق الاحادية في تقرير مصير البلاد.
المعلوم ان حزب الأمة القومي هو اكبر الاحزاب السياسية في البلاد وهو حزب ذو وزن كبير، وقد شارك الحزب في الحكومة الانتقالية بقيادات من صفه الأول، ولكن قادة المجلس العسكري لم يحسبوا لهذا الحزب حساب واستهانوا به، وانقلبوا على خياره الواضح بدعم الفترة الانتقالية والوثيقة الدستورية بالمشاركة في حكومتها، وهو ما لا يمكن أن يتسامح معه حزب ضخم كحزب الأمة القومي، ولا يمكن أن يمر من خلاله مرور الكرام.
انقلاب ٢٥ أكتوبر من قبل البرهان على حكومة الفترة الانتقالية التي يمثل فيها حزب الأمة القومي بعدد كبير من الوزراء والولاة، هو انقلاب على حزب الأمة القومي. الاتفاق السياسي الذي وقع بين البرهان وحمدوك واستبعد قوى الحرية والتغيير التي يمثل فيها حزب الأمة القومي دور الرمانة، هو استبعاد لحزب الأمة القومي واستهانة بقيمة ووزن الحزب. عليه فالطبيعي ان يقف حزب الأمة القومي موقفا رافضا لهذه الخطوات.
حزب الأمة القومي بالاضافة لحزب المؤتمر السوداني، هما الحزبين الوحيدين اللذين لم يشاركا في حكم الإنقاذ طيلة ثلاثين سنة هي عمر نظام الانقاذ، ولكنهما شاركا في الحكومة الانتقالية التي جاءت بعد الثورة لأنها حكومة قومية اختارها المدنيون ولم يفرضها عليهم احد، وقد قام البرهان بالانقلاب على هذه الحكومة وعلى خيارات أحزاب لم تداهن ولم ترهن موقفها المبدئي ضد الانقلابات طيلة ثلاثين سنة من حكم الإنقاذ، فهل يقبلون له بهذا الانقلاب ويعطونه صك الشرعية؟ كلا ولا، لا يمكن لمن رفض المشاركة في جيفة الإنقاذ ان يشارك في فطيسة انقلاب البرهان.
لو كان لدى قادة المجلس العسكري ذرة احترام لأكبر الاحزاب السياسية في البلاد لما تجراوا على الانقلاب على حكومة يسندها حزب الأمة القومي ويشارك فيها، ولكنهم يظنونه كاحزاب الفكة واحزاب الموز يمكن ترويضه ولجمه، هيهات .. هيهات، هذا الحزب لا يعرف الاستسلام ولا يهاب المواجهة، لا يمكن أن يدعم انقلابا ابدا، ولا يمكن أن يشرعن وضعا انقلابيا.
سيقدم حزب الأمة القومي رؤيته للحل، كما ذكر تصريح المكتب السياسي، اتمنى ان يكون هذا الحل مبنيا على مواقف الحزب المبدئية الرافضة للانقلابات وعلى الدعوة الصريحة لمؤسسة الجيش للتراجع وافساح المجال للقوي المدنية، فالحكم ليس وظيفة العسكريين، الحكم هو وظيفة المدنيين.
يوسف السندي
sondy25@gmail.com