مع تقديرنا لكل الجهود المبذولة لاسترداد عافية الحاضنة السياسية لثورة ديسمبر الشعبية لابد من الانتباه للتامر الذي يهدف لحرفها عن هدفها المنشود في إسقاط الانقلاب واستعدال مسار الحكم الإنتقالي، وتأجيل الخلافات الحزبية والمهنية لما بعد الإنتقال للحكم المدني الديمقراطي.
لذلك ليس هناك حاجة الان لاعلان سياسي جديد بديل للإعلاان الذي تأسست عليه قوى الحرية والتغيير ومازالت الجماهيرالثائرة ملتفة حول أهدافه لاسترداد الديمقراطية وتحقيق السلام الشامل العادل في كل ربوع السودان وبسط العدل وسيادة حكم القانون ودفع استحقاقات الإصلاح المؤسسي وإكمال مؤسسات الحكم الانتقالي دون انتقاص للمؤسسات التي تأسست من قبل مثل لجنة تفكيك نظام الانقاذ.
هناك من يسعى بمكر وخبث لتأجيج خلافات بين مؤسسات الدولة المدنية و العسكرية رغم علم العالم أجمع أن هدف الجماهير الثائرة إسقاط الإنقلابيين العسكريين والمدنيين وتسليم السلطة الانتقالية للمدنيين مع كامل التقدير لكل أدوارمؤسسات الدولة المدنية والعسكرية المهنية وأهمية تعزيز قوميتها واستقلالها وإبعادها عن الإستغلال الحزبي في الصراع على السلطة.
من ناحية أخرى هناك من يروجون للفصل بين الحركة الإسلامية التي تبنت ونفذت انقلاب الثلاثين من يونيو1989م وبين نظام حكم الانقاذ المسنود بدعهما والدفاع عن سياساتها التي تسببت في كل الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية، كما ان الدعوة الإسلامية ليست حكراً لحزبهم بمختلف مسمياته الحربائية، وأن المرفوض ليس التدين إنما المرفوض استغلال الدين في الحكم والتسلط على رقاب الاخرين بالقوة.
من المزالق الخطيرة التي يروج لها أعداء الديمقراطية والسلام والعدالة محاولة التفريق بين الشباب وبين الأحزاب والاتحادات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني بدلاً من تكثيف الجهود لافساح المجال لهم للعمل على تحقيق الإصلاح الديمقراطي داخل هذه الكيانات الفاعلة والمهمة لتأسيس ديمقراطية معافاة من أخطاء الماضي خاصة إبان الحكم المباد الذي برع في صناعة أحزاب وكيانات موالية لابد من عزلها ديمقراطياً لأنها أحزاب وكيانات هيولية لاجماهير لها.
الأهم في هذه المرحلة سد الفرقة وسط كل قوى السياسية والمهنية والمجتمعية وتأجيل الخلافات المشروعة وتركيز الجهود لاستدرداد الديمقراطية واستعدال مسار الحكم الانتقالي وأن تركز الحكومة الانتقالية المدنية بكل مؤسساتها المدنية والعسكرية جهودها لتحقيق تطلعات المواطنين في السلام والعدالة والحياة الحرة الكريمة.