لم تشفع محاولات رئيس مجلس السيادة ونائبه التوسل للكونغرس الامريكي ، والتي لم يفلحا في طريقتها التي اتخذت اسلوب التهديد نهجاً لدفع الاتهامات التي تجلب العقوبات والتي كانت مرتقبة واضحت اليوم واقعاً ، فالعقوبات لم تقتصر على الرجلين وربما تطول عدد من قادة المؤسسة العسكرية ، والذين ظلوا يعملون من اجل مصالحهم ومصالح النظام المخلوع طوال الفترة الانتقالية.
وأقرت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب بإجماع كل أعضائها من الديمقراطيين والجمهوريين، بفرض عقوبات على المسؤولين عن زعزعة الاستقرار في السودان مع إدانة الانقلاب العسكري الذي تم يوم 25 أكتوبر الماضي، ودعم الشعب السوداني ، ومن المقرر تحويل القرار للتصويت عليه من مجلس الشيوخ الذي يجب أن يقر العقوبات مع مجلس النواب للمُوافقة عليه.
ونظرت اللجنة في مشروعين لفرض عقوبات، الأول بعنوان إدانة الانقلاب العسكري في السودان ودعم الشعب السوداني الذي طرحته القيادات الديمقراطية والجمهورية في لجنتي العلاقات الخارجية في المجلسين، والثاني بعنوان قانون ديمقراطية السودان.
ويدعو المشروع الأول، الذي ستناقشه اللجنة قبل التصويت عليه، الإدارة الأمريكية على التعريف فوراً بقادة الانقلاب وشركائهم ومساعديهم للنظر في فرض عقوبات عليهم.
وطلب التعريف فوراً بقادة الانقلاب وشركائهم ومساعديهم للنظر في فرض عقوبات عليهم ، هو أهم بكثير من فرض عقوبات على رئيس المجلس وقائد الدعم السريع ، لأن الذين دعموا الانقلاب كانوا وسيظلوا اخطر على التحول الديمقراطي ولايختلفون عن قادة المجلس العسكري ، فالبرهان ليس وحده معه مجموعة من اللجنة الأمنية التي ومنذ شراكة العسكريين مع المدنيين لم تقم بشيء سوى وضع العقبات والمتاريس امام التحول الديمقراطي.
هذه اللجنة هي المسئولة عن فض الاعتصام وعن تدهور الاقتصاد وعن تحريض البرهان على الانقلاب ، يليها بعض القيادات في الحركات المسلحة الذين غدروا بالثورة التي أخذتهم من دهاليز الحروب لمكاتب القصر الجمهوري الذي حرمهم منه المخلوع لثلاثين عاما ، لكنهم نكثوا العهد والوعد مع الثورة وكشفوا عن مطالبهم وأهدافهم لاعلاقة لها باقليم دارفور وتنميته والاهتمام بإنسانه .
والسؤال الذي تسبقه إجابته على ماذا يحاسب جنرالات الجيش على جرائمهم المتعددة والمتكررة ام على سيطرتهم على الاقتصاد السوداني ام على تهريب موارده وذهبه ومعادنه براً وبحراً وجواً، أم على انقلاباتهم الحقيقية والزائفة ، ام على عرقلتهم للتحول الديمقراطي أم على إقصائهم للقوى السياسية ، واطماعهم في السلطة بالرغم من شراكتهم في الفترة الانتقالية وحكومة الثورة التي لايستحقون مناصبها ، ام على خيانتهم للشارع الثوري اكثر من مرة ؟
ماذا قدموا هؤلاء الذين يحتمون بالقوات المسلحة هذه المؤسسة التي لا يليق بها ان يوجه لها اتهام بقتل مواطنيها ، المؤسسة العسكرية التي لم يحدث في تاريخ السودان ان تم ارتكاب مجزرة بشعة مثل مجزرة اعتصام القيادة في امام بواباتها ، و لم يقف الامر عند هذا الحد بل قتل الثوار للمرة الثانية عندما خرجوا منددين بالانقلاب لتسفك الدماء من جديد ويسود الرعب وليتهم المسؤولين عن الانقلاب مرة اخرى ..وتدعو امرأة وهي تذرف الدموع في احدى المواكب (اللهم سلط عليهم من لا يخافك ولا يخشاك نحن لاحول لنا ولاقوة وانت القوي ذو العرش العظيم ).. دموع تقاطرت على خدها لو كنت رئيسا لمجلس سيادة الدنيا باكملها لتنحيت حالاً .
وقالت المصادر ان البرهان وحميدتي عندما اقدما على الانقلاب ، ارتكزا على تجربة البشير ( ما الذي فعلته امريكا للبشير الذي حكم ثلاثين عام وهو الذي عاش يردد امريكا تحت جزمتي ) ليكتشفا باكراً انهما يستندان على ( حيطة مايله ) فأمريكا سرعان ما اعلنت ان العقوبات ستكون عقوبات فردية ، فخاب ظنهم وساء تقديرهم لمآلات انقلابهم فعودة الامور الى نصابها ليست ببعيدة واشبه بإفول هؤلاء الجنرالات عن المشهد ، لكن بعدهم اكثر قرباً .
قلنا في اكتوبر ان نوفمبر هو نهاية احلام العسكر وبعدها حدث الانقلاب الذي خطه العسكر بإياديهم ولكن ليس كل الذي تخطه يداك يكون عنوان للبدايات فكثير مانكتب نهاياتنا بإيدينا بجودة اكثر من ان يكتبها لنا غيرنا .
طيف أخير:
أن تكون شخصاً يثق به الناس
أعظم من أن تكون شخصاً يحبّه الناس
الجريدة
حرية، سلام، وعدالة