حديث البرهان عن البعثات الدبلوماسية التي قال إنها تمارس فتنة (المديدة حرقتني) حديث مريض يشتمل على أكثر من علّة..! فهو من جانب يريد أن يجعل من جموع الشعب مجرد فئات ضالة جاهلة يحرّضها الأجانب..! وهو يعلم أن شباب الثورة وجموع الشعب السوداني عندما خرجوا بأياديهم العارية في جميع أنحاء الوطن يطالبون بالحرية والكرامة في وجه قهر الإنقاذ وترسانتها الباطشة ومليشياتها المدجّجة لم يستأذنوا من أمريكا وأوروبا والأسرة الدولة والأمم المتحدة ولم يطلبوا موافقة مجلس الأمن على خروجهم للشارع.. هل تحتاج الثورة إلى من يعرّفها بحقوقها ويحرّضها على رفض القهر والفساد..؟! وما علاقة ذلك بـ(المديدة الحارة)..؟!
الأمر الثاني والثالث آن الشعب لا ينتظر من احد أن يستعديه على جيش بلاده.. ببساطة لأن الشعب السوداني ليس ضد الجيش.. بل الشعب ضد المجموعة التي تحاول سرقة اسم الجيش لتحقيق مآربها الخاصة..فهي تتحدث باسمه وتريد أن تخلق (فتنة مفضوحة) تماثل اللعب بأعواد الكبريت أمام برميل من الغاز.. بل أن الشعب هو الذي يستشعر (غيرة كبرى) على الجيش ويريد له أن يكون مؤسسة وطنية قومية مهنية محترمة ومتماسكة؛ تقوم بواجبها كما هو مقرر لها؛ وكما هو في كل دساتير الدنيا وطبيعة الجيوش في بلاد الله التي تحترم قواعد بناء الدولة الوطنية على نواميس المهام الواضحة للمؤسسات القومية التي تلتزم بقواعد حماية التراب الوطني وتوحيد حمل السلاح ومنع نشوء المهددات الناشئة عن المليشيات الموازية التي تسلب مهام القوات النظامية..والشعب هو الأحرص على حفظ كرامة الجيش والنأي به من أن يكون مطية للأحزاب والفئات والمجموعات السياسية.. هكذا قالت الثورة في شعاراتها ومطالبها وأهازيجها وفي وثيقتها الدستورية.. فأين موقع (مديدة البرهان) من هذا الكلام الواضح..؟!!..!!
ثم هل يظن البرهان انه أكثر وطنية وحساسية من رفض التدخل الخارجي..؟ وأنه أكثر حرصاً على صون كرامة الوطن واستقلاله من الشعب ومن شباب الثورة الذي أصبح يلقّن شعوب العالم معاني الوطنية والانعتاق من التبعية والدونية و(الانسحاقية الاستخذائية) وسياسة القفز بين المحاور التي جلبتها الإنقاذ على البلاد في عهدها المشؤوم الذي اقسم الشعب على دفنه إلي غير رجعه..؟!
من هنا تتضح لك متاهة الحلقة الفارغة التي يدور فيها حديث البرهان عن (المديدة)..! وهو حديث يعيد تدوير ذات اللغة فاقدة القيمة التي كان المخلوع يشنّف بها الآذان..ومنها أنه قابل السفيرة البريطانية و(صرف لها البركاوي)..!! وللإنقاذيين أصحاب الأيكة والمؤتفكة من فلولهم وأئمتهم مناصري الباطل أن يرجعوا إلى لغة الشوارع الخلفية وقاع المدينة ليعرفوا المعنى الحقيقي لعبارة صرف البركاوي حتى يدركوا حقيقة (شريعتهم المدغمسة) وحتى يزيد علمهم بحقيقة (مصارف الإنقاذ) ومجاريرها التحتية الآسنة.!! وبين صرف البركاوي و(المدية حرقتني) يا قلب لا تحزن.. فالثورة مستمرة والردة مستحيلة والمجد للشهداء…الله لا كسب الإنقاذ..!!
murtadamore@yahoo.com