رحل اليوم الشيخ مرتضى حسن آدم الشامي،إمام مسجد بارا العتيق(بارا مدينة تاريخية ، خضراء، في اقليم كردفان بغرب السودان) .
ياله من فقد كبير ورحيل موجع..
الشيخ، الجليل ،مرتضى ، التقي ،الورع الانسان، رجل الخير ،وصاحب المبادرات الاجتماعية والانسانية الرائعة ،التي جمعت شمل ونبض بنات وابناء بارا في (قروب أفراح وأتراح مدينة بارا) وأدخلته قلوبا كثيرة داخل المسجد وفي أوساط المجتمع، وأيضا في أوساط بنات وأبناء بارا داخل السودان وفي السودان المهاجر .
يتملكني حزن عميق برحيله..
اللهم ارحم عبدك مرتضى فقد كان بشوشا، لطيفا ،فيه سماحة قيم الاسلام ،وتتجلى في شخصيته خصال المسلم ،والإمام القدوة ،الذي يعكس مباديء الاسلام ، الرفيعة والجميلة ،تواضعا وسماحة، وكلمة طيبة ، تترفع عن الاسفاف والادعاءات والاساءة للناس .
كان أيضا نبضا وكلمة خضراء نابعة من قلبه الأخضر،الودود.
اعزي نفسي وأعزي أسرته ، وأهله،أهلنا في بارا وفي كل مكان .
كان متواصلا معي بشكل يومي عبر رسائل تعكس روعة شخصيته، وروحة الطيبة،اللطيفة، اذ لم يختال يوما أو يتكبر ،لا في خطبه الرصينة ، في مسجد بارا العتيق ، ولا في تعامله مع الناس.
على الصعيد الشخصي كان بيننا الكثير من الود والاحترام المتبادل،وهو ود قديم.
أذكر في فترة نظام الرئيس المعزول بارادة الشعب عمر البشير أن السلطة المحلية في بارا ،والأبيض (عاصمة اقليم كردفان )تآمرت عليه وقرروا ازاحته من منبر مسجد بارا، لانه تحدث في خطبة الجمعة عن تردي الخدمات في بارا.
كتبت قبل سنوات عدة ،في أثناء فترة عملي في قطر مقالا في جريدة (الأحداث) السودانية منتقدا من اصدروا القرار ، ومستهلا حملة في هذا الشأن، وبسبب هذا المقال التقط بعض الكتاب في السودان الخيط وكتبوا منددين بالقرار ، فتشكلت حملة ضغط للرأي العام على السلطات في الخرطوم،ما اضطر الرئيس المخلوع الى الايعاز بالغاء قرار ابعاد الامام من منبره ،اذ رأى البشير كما علمت ان الحملة الاعلامية التي صاحبها موقف شعبي صارم وحاسم من أهلنا في بارا قد أزعج النظام وفتح باب أزمة تضاف إلى أزماته.
أبلغني بهذا الكلام قبل ان يصل الى سلطات بارا وكردفان شخصية من اقرب المقربين الى البشير (وهو حي يرزق) في اثناء مرافقته الرئيس المعزول في زيارة إلى قطر قبل سنوات عدة.
أي أن الراحل العزيز الشيخ مرتضى كان منحازا لهموم أهله في بارا في مجال الخدمات ،أي حقوق الناس، وقال كلمة حق .
رحيلك يا شيخ مرتضى فقد مزلزل وكبير،لأننا فقدنا علما من أعلام بارا، وداعية بصدق ووعي عصري ،وهذه السمة من أسباب حب الناس لشيخنا الراحل.
أسأل الله ان يرحمك رحمة واسعة ويسكنك فسيح جناته مع الصديقين والشهداء، بقدرما قدمت من عطاء في ميادين الدعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، التزاما بقوله تعالى (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن،ان ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ) .
رحمك الله شيخنا مرتضى الذي استحق في حياته الاحترام والتقدير ، ويستحق بعد الرحيل المحزن والموجع مزيدا من التقدير والمحبة والتكريم المستحق لسيرته العطرة.
(انا لله وانا اليه راجعون)