التقى طريقي أول مرة مع الصديق العزيز عبد المطلب الفحل يوم حملت خطاب تعييني مديرا لدار الطباعة والنشر في جامعة أم درمان الإسلامية في عام ١٩٩٠ وذهبت إلى المطبعة بحي العرضة. كان يشغل منصب نائب مدير الدار بعد انتقاله حديثا من الإذاعة للجامعة. كان آخر تواصل مع فقيدنا العزيز عندما طلب بعض المعلومات لأنه يعكف على تأليف معجم الشخصيات السودانية. عبد المطلب الفحل إنسان ممتاز، نعمت بصحبته كذلك عندما دعاني لتقديم برنامج للإذاعة يوم كان رئيسا للقسم الثقافي، وشجعني لكتابة دراما إذاعية في حلقات عن الحج بعنوان رحلة الروح، وكان الممثلون هم شخصيات برنامجه ذائع الصيت (دكان ود البصير). تفاكرت مع عبد المطلب عندما نشرت قبل عام (الوجيز في لغة الإعلام)، وتكرم شرف الدين محمد الحسن بإيصال الكتاب إليه. كان واسع الاهتمام بهذا الموضوع، إذ كان موضوع رسالته للدكتوراة. لم يكن يجاريه إلا قلائل في معرفة المجتمع السوداني، والتمرس بثقافاته. يشهد على ذلك رصيد ضخم من البرامج في مكتبة الإذاعة والتلفزيون. كان مستقل التفكير، ولم أعلم له انتماء حزبيا غير انتمائه لحزب السودان العريض، لذا سررت كثيرا بتعيينه رئيسا للجنة الثقافة والإعلام في البرلمان وكان جديرا بهذا الموقع الرفيع. وحين يتحدث الناس عن الكفاءات المستقلة هذه الأيام؛ عليهم أن يبحثوا عن معيار و(مقاس) عبد المطلب الفحل. يرحل عبد المطلب عن دنياي، وترحل معه حوارات تناولت في الكثير منها إنتاجه الإعلامي. يوم كان يقدم مقابلاته الإذاعية مع البروفيسور عبد الله الطيب بعنوان: من التميراب إلى كلية الآداب، أومأت له بعدم اكتراث عبد الله الطيب بالعمل السياسي واستنكافه عنه، فكان أن نقل إليه ملاحظتي، وكانت حلقة عالية الجودة. في آخر مكالمة هاتفية معه قبل مرضه، حدثني طويلا عن الموت وإحساسه بدنو الأجل. ألا رحم الله الأخ العزيز عبد المطلب وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء. إنا لله وإنا إليه راجعون. عثمان أبوزيد مكة المكرمة صباح الثلاثاء ١٧ جمادى الثانية ١٤٤٣ الموافق له ٢١ ديسمبر ٢٠٢١.