المتابع للفضاء الإعلامي العريض يلحظ حملة إعلامية مكثفة تستهدف التشكيك في الاحزاب السياسية تحت دعاوى مختلفة ومتنوعة تتقاطع في الآليات وتلتقي في الأهداف النهائية وتطرح فى سياق ادارة الدولة فكرة الكفاءات المستقلة (التكنوقراط) كحل سحرى لما تسميه فكرة المحاصصات الحزبية التي يفترض دعاتها ومشايعيها انها مدخل الصراع والتشاكس والاختلاف وكأن الكفاءة والمهنية مرتبطة بعدم الانتماء لحزب معين ففي واقع الامر ان الحزبى يتمتع بكفاءتين الكفاءة المهنية والكفاءة السياسية المرتبطة بالالتزام وبمنهج يحاسب عليه..
◼️تقوم فكرة ومفهوم الحزبية على أسس تختلف بحسب طبيعة الحزب ومايمثله اجتماعيا فالاحزاب الثورية تبنى على :
-الفكرة او النظرية وهي الأساس وتتحدد عليها مبادئه ومواقفه وسياساته وترتبط الفكرة بمنهج للتحليل وتشخيص المشكلات..
-الشكل التنظيمي القائم على مبادئ واسس تنظيمية وهيكل اداري يحدد الحقوق والواجبات والمهام وتنعكس في داخله الأهداف ويقوم على صياغة وتربية الأعضاء.
-الطليعة المنظمة وهي عضوية الحزب الملتزمة بالاهداف والتي تقود الجماهير وتوعيها لتحقيق أهدافها والتي تتحمل اعباء النضال السياسى وتبعاته في كل الظروف.
-الاحتراف الثوري وهو أعلى مراحل الالتزام في التفرغ الكامل للمهام الحزبية وماتتطلبه من التزامات.
-الوجود الجماهيرى حيث تقوم نظرية الحزب على تحقيق فكرة من الجماهير واليها..
◼️لقد عرف العالم الحديث فكرة الحزبية منذ 1850 حيث بات من المؤكد بأنه لايمكن ان تدار أي دولة في العالم بمعزل عن فكرة الأحزاب والتنظيم وإذا نظرنا إلى كل حضارات العالم الحديث فإنها تقودها أحزاب وتكتلات عامة للرأي فلا توجد دولة في العالم او نظام سياسي قائم بمعزل عن فكرة الحزبية حتى النظم الديكتاتورية التي لاتعترف بالتعددية اما أن تكون واجهات لأحزاب سياسية كالانقاذ او حركات عسكرية بيروقراطية تتبناها أحزاب او تنشئ احزابا سلطوية (الاتحادالاشتراكى)فى تجربة مايو ..
ان فكرة بناء الدولة الحديثة مرتبطة بفكرة الحزبية والتنظيم وفى ضوء ذلك فإن التجرية الديمقراطية القائمة على فكرة التعددية السياسية والفكرية والتمثيل النيابي لاغنى لها عن الحزبية فلاديمقراطية بلا أحزاب وجماعات رأي فالاحزاب السياسية تمثل الأعمدة التى يستند إليها البناء الديمقراطى ويقوم على اساسها التنافس السياسي والانتخابي المبنى على البرامج..
◼️ إن شيطنة الحزبية فكرة خبيثة تتنامى في فترات الانتقال الديمقراطي وتستهدف الردة على الثورة والتغيير بتشجيع العسكر للارتداد على التجربة الديمقراطية وهذا السيناريو معلوم تاريخيا فى نوفمبر 58 ومايو 69 ويونيو 89 تلك الديكتاتوريات التي اختصمت 52عاما من عمر الاستقلال السياسى الذي تحقق وللمفارقة من داخل قبة البرلمان !!
إن الاحزاب ليست مبرأة من الأخطاء ولكنها لاتتطور ولاتتعلم من اخطائها إلا في ظل التجربة الديمقراطية المستدامة حيث توفر مناخ الحرية والرقابة الشعبية على أداءها. وبالتالي فإن شيطنة الاحزاب واخراجها من المعادلة السياسية جزء من أهداف قوى الثورة المضادة ..
إن الأحزاب السياسية هى التي تحملت أعباء النضال الوطني وتحدياته منذ الاستقلال وهى التي وقع عليها القدر الأعظم من تحمل تبعات النضال ضد الأنظمة الديكتاتورية الفاشية من تشريد واعتقال وفصل واغتيال ومصادرة حيث لامجال للمزايدة عليها وعلى رموزها.
◼️إن الدولة الحديثة هى دولة مدنية ديمقراطية قائمة على فكرة المواطنة والحقوق المتساوية ينعم فيها الجميع بحقوقهم في حرية التعبير والتنظيم لامكان فيها للعسكر إلّا أمن خلال دورهم المرسوم في الدستور والملتزم بقسم المهنية في حماية تراب الوطن والدفاع عن استقلاله وكرامته والزود عن حدوده في إطار نظرية السيادة الوطنية وهى دولة قائمة على المؤسسية والتنظيم حيث تقوم كل بنى الدولة على نمط معين من التنظيم والقانون والنظام والفكرة والهدف.
◼️إن ثورات التغيير الكبرى في التاريخ تقوم على تحالفات واسعة وكتل تاريخية تنهض بمهمات التغيير والتحول حيث لاتخلو مسيرتها نحو الصعود من الأخطاء والعثرات ولكنها تمتلك إرادة التصحيح وآلياته واخطر مايمكن أن تتعرض له بعد هذه العمليةهو محاولات شق صفوفها واختلاق التناقضات بين مكوناتها وزرع الألغام في طريقها وتفخيخها بالصراعات وبالتالي يسهل اختراق صفوفها وهذا مايجب أن تنتبه اليه قوى الثورة السودانية بمزيد من الترصين والوحدة والتماسك وكشف الدعاوي الفطيرة لتسميم أجواء التناسق والانسجام الثوري..
فلتتوحد قوى الثورة جميعا لتصفية مرتكزات النظام المباد ..