*علاقتي بالاذاعة السودانية قديمة، منذ أن تعاونت بالكتابة في بعض برامجها ، خاصة برنامج الأسرة الذي كانت تعده وتقدمه سميرة محمد مدني يحيى، وركن الجنوب الذي كان يعده ويقدمه مصطفى عوض السيد.
*لكن حبي للاذاعة ليس بسبب هذه العلاقة التي سبقت عملي كباحث إجتماعي بمصلحة السجون، وقبل تفرغي لرسالة الصحافة التي وجدت نفسي فيها، وإنما لأنها الوسيلة الأكثر تأثيراًعلى الرأي العام و الوجدان السوداني.
*لذلك حرصت على تلبية دعوة أسرة الهيئة القومية للاذاعة والتلفزيون لحضور منتدى الحيشان الثلاثة الذي أقيم في مثل هذا اليوم قبل سنوات باستديو الأزهري بعنوان “الاذاعة والتلفزيون ذاكرة الأمة السودانية”، وكان المتحدث الرئيسي في المنتدى البروفسير على شمو الذي يعتبر في حد ذاته ذاكرة للأمة السودانية كما وصفته مقدمة الندوة الاعلامية إيناس محمد أحمد.
*رغم إرتباط أجهزة الاذاعة والتلفزيون بالحكومات منذ تأسيسها في عهد الاستعمار، إلا أنها تجتهد ما استطاعت للتعبير عن كل ألوان الطيف السوداني، لذلك لم يكن غريباً من الرموز السياسية التي شاركت في المنتدى، دعوة القائمين على امرهذه الأجهزة” القومية” لفتح مساحات أرحب للأحزاب والفعاليات السياسية المعارضة حتى تتحول بالفعل إلى اجهزة قومية تعبر عن أشواق كل أهل السودان.
*البروفسير علي شمو أكد إنحيازه للاذاعة، وقال أنها الحوش الكبير الذي خرجت منه الحيشان الثلاثة، وأنها ظلت منذ الاستقلال تؤدي دوراً وطنياً مقدراً في الحفاظ على تماسك النسيج السوداني، وانه في السنوات الأولى بعد الاستقلال لم يكن هناك مايربط بين المواطنين سوى “راديوأمدرمان” .
*توقف البروفسير علي شمو عند بعض المحطات المهمة في تأريخ الاذاعة مثل تغطية جلسة البرلمان يوم 19ديسمبر 1955م ويوم رفع العلم في1يناير 1956م ونقل اللقاء الجماهيري الذي شرفه الزعيمان اسماعيل الازهري ومحمد احمد محجوب، وأعاد للأذهان الدور الذي لعبته الاذاعة في دفع الناس للمساهة في “مال الفداء” لتغطية استحقاقات سودنة الانجليز.
*إستمعنا لبعض الأناشيد الوطنية التي غذت الوجدان السوداني، مثل عزة في هواك واليوم نرفع راية استقلالنا وفي الفؤاد ترعاه العناية، وقال الموسيقار الكبير الماحي سيمان ان مكتبتي الاذاعة والتلفزيون تحويان كنوزاً من التراث السوداني الثر، وقال عوض أحمدان مدير إذاعة ذاكرة الأمةانذاك أن هناك أناشيد غير مسجلة مثل نشيد ” أحرارأحرار في بلاد حرة من كلمات اسماعيل خورشيد وأداء الفنان عثمان الشفيع.
*هكذا تحول منتدى الحيشان الثلاثة إلى تظاهرة إعلامية للاحتفال بذكرى الإستقلال المجيد، وسط حضور نوعي من السياسيين والاعلاميين والصحفيين وأركان حرب الهيئة القومية للاذاعة والتلفزيون .