اثارت استقالة رئيس مجلس الوزراء الانتقالي عبدالله حمدوك العديد من التساؤلات وخلقت نوع من الدهشة والوجوم في كثير من المواطنين والسياسيين علي ما رشح من امرها ورغم توقعها منهم؛ ولعل مرجع ذلك الي ماتعيشه البلاد من اوضاع اضفت عليها الاستقالة غموضا وضبابية زادت من خشية المشفقين علي مستقبل البلاد ومسارها الانتقالي! واخذ البعض يقلب عددا من “السيناريوهات”
المتوقعة لمضاعفات هذه الاستقالة!
اكثر ما يثير مخاوف المشفقين هو سيناريو الفوضى وانهيار الدولة الذي يمكن ان تفضي له حالة الانسداد السياسي وما تعيشه البلاد من احتقان شديد الوطأة علي السلطات من خلال حداول الحراك المعلنة من قبل لجان المقاومة ضد اتفاق الانقلاب والاتفاق الاطاري الذي تلاه! اضافة الي الاوضاع الاقتصادية الضاغطة علي المواطنين وصعوبة توفير ضرورات الحياة وما يعيشونه من ضيق وشظف ربما ينتج انفحاا في اي لحظة!؟
السيناريو الثاني هو ان تستشعر مكونات الفترة الانتقالية حساسية اللحظة وماتعيشه البلاد من تهديد ينذر بخطر ماحق ربما يقود لتفتيتها وانقسامها وتصل الي توافق يفضي مرة اخري لشراكة بين العسكر و”الحرية والتغيير” واطراف العملية السلمية بجوبا خاصة اذا نطرنا الي المبادرات والوساطات المتعددة التي تجري في المشهد السياسي بالبلاد
من اجل “الاستقرار” وضرورة التنازل من الجميع لان التمترس لايفضي الا الي نقاط صفرية الحلول وذلك يتعارض مع مفهوم السياسة التي تنبني علي الممكن ومعطيات الواقع التي يشكلها الحوار الاداة الرئيسة لاي عمل سياسي تسووي ناجح؟
يبقي ومايزال التوافق السياسي احد اهم العناوين البارزة؛ التي ظلت مطلبا تتمحور حوله معالجةُ الازمةِ السياسية الراهنة؛ والتي بلغت بان تكون احد مسببات استقالة رئيس مجلس الوزراء الانتقالي؛ لتعذر القيام بمهامه في ظل فقدان اي بارقةِ املٍ في الوصول الي توافق سياسي؛ بين مكونات الفترة الانتقالي!
رغم المبادراتِ العديدة والوساطاتِ التي انطلقت؛ من مختلف الواجهات السياسية والاكاديمية؛ لرأب صدع الخلاف ومعالجة الازمة السياسية؛ ضمن المحاولات الجارية للوصول الي توافق سياسي؛ علي الحد الأدنى من المشتركات الجامعة بين مكونات الفترة الانتقالية؛ والعمل علي إنجاح مسار الانتقال والتحول الديموقراطي بالبلاد.
الا انه فيما يبدو من واقع الاوضاع؛ وخاصة بعد استقالة “حمدوك” ان الازمة ماتزال تراوح مكانها؛ في ظل مايعيشه الشارعُ من تصاعدٍ في حراكه الثوري الرافض بلاءاته الثلاث.
ومع مايبدو من قتامة في الموقف واظلام الا ان بعض المراقبين يرون ان الفرصة؛ ماتزال مواتيةً في الوصول الي توافقٍ من خلال ما انطرح من مبادرات جادة؛ من ضمنها مبادرة مدراء الجامعات؛ التي استصحبت كافة الوساطاتِ المختلفة؛ ولجانِ المقاومةِ التي تمثل مطالب الشارع العريض؛ و يأمل المراقبون ان تجدَ القَبول من الاطراف الفاعلة؛ للعملية السياسية بالبلاد؛ مع قناعة الجميع؛ انه ليس هنالك مفرٌ من الحوار والتفاوض؛ والشراكة مع العسكر ايضا كما اشار “حمدوك” لانه الضامن لهذه التسويات! طوال الفترة الانتقالية التي لايمكن استبعاده منها باي حال او تغييبه جملة؛ لان ذلك كان احد الاسباب التي عمقت من الازمة التي تعيشها البلاد! ولمعالجة ذلك لابد من ايجاد صيغة لاستصحاب المكون العسكري – بحسب الوثيقة الدستورية – في مطبخ القرار للمرحلة الانتقالية بالبلاد!؟