أمدرمان- التحرير:
أكد تقرير سياسي أصدره حزب “الأمة القومي” أن المخــــــــــدرات مهدد أمنـــــــــي واجتماعي حقيقي، وأوضح أن كثيراً من الدراسات والتقارير الاجتماعية، بما فيها تقارير حكومية ومنظمات المجتمع المدني، تشير الي أن انتشار المخدرات في السودان قد وصل مرحلة الخطر، وأنها أصبحت من أكبر المهددات الأمنية والمجتمعية، وهذا ما جعل حزب الأمة القومي منزعجاً من خطورة الانتشار الواسع للمخدرات وعدم اهتمام الدولة بهذه القضية.
وقال الحزب إنه يسعي من هذه الجزئية (عن المخدرات) في هذا التقرير، إلى توضيح وضع المخدرات بالبلاد، والعوامل التي ادت الي انتشارها وخطورتها والكيفية التي يمكن أن يوظف الحزب قدراته كافة، للإسهام في المكافحة.
وأوضح إن السودان يصنف من الدول العربية المنتجة للمخدرات بجانب المغرب ولبنان، وتصنف السعودية ومصر واليمن دول مستهلكة فيما تعتبر سوريا والاْردن دول عبور، وكذلك يصنف السودان في الدول الافريقية من دول العبور بجانب كينيا وليبيا، وتقدر حجم تجارة الكوكايين في غرب افريقيا ٨٥ مليون دولار، ما أدى الي تفاقم الإدمان وغسل الأموال الى جانب تأجيج الاضطراب السياسية والتهديدات الأمنية في كثير من الدول الافريقية، وبينها السودان.
وأشار التقرير إلى أن تجارة المخدرات عالمياً تعد إجراماً منظماً، لأن اساليب مهربي المخدرات تتنوع وتتبدل وتصبح دائما أكثر سرية وخطورة، حيث تمثل تجارة المخدرات المركز الثالث ضمن الانشطة التجارية والاقتصادية العالمية، بحجم يبلغ 800 مليار دولار سنوياً، ويتم غسل ١٢٠ مليار دولار سنوياً في أسواق المال العالمية ومن خلال المصارف والبنوك الكبيرة..
وقال “الأمة” إن السودان يعتبر منتجاً رئيسياً للبنقو الذي يزرع في منطقة الردوم في المنطقة الحدودية بين جنوب السودان وافريقيا الوسطي ودارفور وتقدر المساحة ب ٣٠٠٠ كيلو متر في بيئة مناخية مواتية في مناطق وعرة، ساعدت الاضطرابات والنزاعات وانتشار السلاح والحروب والعطالة في انتشار زراعته، ويستهلك أغلب الانتاج بالداخل، وهناك شبكات الترويج تشرف علي نشاط زراعة البنقو ونقله وتوزيعه.
واعتبر خبراء اجتماعيون ان السودان يمثل أهم دولة معبر بما له من حدود مع مصر وليبيا وإثيوبيا، وبالتالي تصله كمية كبيرة من حاويات المخدرات و”الشاشندي” والحشيش والحبوب، والتي تم ضبط الكثير منها كما يشكل السودان معبرا لحبوب “الكبتاجون” القادمة من دول الشام للسعوديةً ومعبرا للهيروين القادم من أفغانستان عن طريق شرق افريقيا لأروبا ومعبر لمصر والسعودية والإمارات.
وأكد التقرير أن من أكثر انواع المخدرات تعاطياً في السودان البنقو والقات والشاشندي (الحشيش الاثيوبي) والعقاقير الطبية المخدرة والمؤثرة عقلياً مثل حبوب الاكازول والترامادول ثم الهيروين والكوكايين والمنشطات. وفق تقارير فإن أكثر المدن التي تنتشر فيها المخدرات هي الخرطوم والقضارف ومدني والدمازين وعواصم ولايات دارفور.
وشدد التقرير على أن مصدر قلق حزب الأمة القومي ناتج عن ما تسببه المخدرات من ارتفاع معدلات الجريمة بزيادة انتشارها، وحوادث الطرق والإعاقة والوفاة، وزيادة تكلفة السجون والتأهيل لعلاج المدمنين والأدوية والفرق العلاجية، ومشاكل الطلاق، والاقتصاد الخفي الذي يصعب مراقبته ويؤدي لانتشار الفساد المالي والإداري.
ورأى حزب الأمة أن هذه أمراض اجتماعية وأمنية متفاقمة بشكل يومي، تحت بصر الأجهزة المختصة، مع ضعف الرقابة وتواطؤ بعض الجهات، وقال “لم نسمع بأحكام قضائية رادعة في قضايا حاويات المخدرات التي عرفها القاصي والداني، وكذلك توافينا الصحف الاجتماعية يومياً بأخبار ضبط كميات من المخدرات.
وأضاف التقرير أن الدراسات ترجع انتشار المخدرات الي الدوافع الاقتصادية والاجتماعية من انحلال النسيج الأسري والبطالة والفراغ والقوانين المتساهلة، والوجود الأجنبي الكبير. وذهب كثير من المراقبين الي أن مصدر خطورة انتشار المخدرات الكثيف له هدف سياسي يتعمد تغييب وعي الشباب للانصراف عن القضايا الوطنية، دون الادراك بأن المخدرات تدمر الشباب، وتأثيرها سلبي علي التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتكوين مجتمعات مسالمة لا تعرف العنف والفساد تحت سيادة القانون.
ونبه الحزب إلى أن هذا الوضع الخطير تقف وراءه عدة عوامل يمكن إجمالها في ضعف الارادة وعدم توفر الإمكانيات اللازمة للأجهزة المعنية، ووعورة الطرق والمعابر وطول الحدود، وعدم الاستقرار الأمني المفتعل بدارفور ومناطق الحروب، وعدم الاستقرار الأمني والسياسي في دول الجوار ، والنزوح السكاني، ونقص المعلومات عن حجم المشكلة، وغياب الدعم المالي من المنظمات لمكافحة المخدرات مع وجود الدعم لمحاربة تجارة البشر ومكافحة الاٍرهاب، وعدم التزام الصيدليات بالوصفة الطبية وتصرف الادوية دون اتباع القوانين الصحية.
وأضاف التقرير أن خطر المخدرات الماثل والذي تسبب فيه بلا أدني شك نظام الإنقاذ (نظام الرئيس عمر البشير) بسياساته المدمرة لبنية المجتمع السوداني، ما يشير بأن سياسات واجراءات المكافحة ضعيفة، ولا تتناسب مع الانتشار الواسع.
وشدد التقرير على أن المعالجة المثلي التي يتبناها حزب الأمة القومي هي حملة قومية تضم كافة مكونات الشعب السوداني لمحاربة المخدرات وفق عملية تثقيفية وتوعوية شاملة ومراجعة التشريعات والقوانين، وكشف تجار المخدرات للراي العام، وتنسيق كافة جهود المكافحة المحلية والاقليمية والدولية، وتفعيل الاتفاقيات الدولية التي تتعلق بالمخدرات لا سيما اتفاقية سنة ١٩٦1، واتفاقية فينا ١٩٧٢ والتي تم بموجبها اخضاع تداول وتجارة واستعمال المؤثرات العقلية للرقابة الدولية، واتفاقية سنة ١٩٨٨، وجهود منظمة الدول الامريكية OAS في مكافحة المخدرات وغيرها من الآليات الاقليمية والدولية.