مثلث بأربعة أضلاع كلام غريب اليس كذلك !! قد يتصدى لي شخص ويقول نحن مهندسين وخريجي كليات هندسة نعرف المثلث بأضلاعه الثلاثة وأشكاله المعروفة، لكن أبداً لم نسمع بمثلث له أربعة أضلاع! هذه بدعة من عندك يا ود دقاش ما قال بها أحد. سبحان الله ربما علوم الهندسة تطورت!! إنها المتناقضات The dark paradox””. شكراً للمتسائل لقد جئتني من الآخر، نعم لا يوجد مثلث بأربعة أضلاع فاسمه يعُرفُه.
مشكلة السودان التي استعصت على الحل كنا نصنفها ونوصفها بالمثلث متنافر مكونات الأضلاع ولكن ثورة ديسمبر المجيدة قد طورته في محاولة لتثبيته وتصحيحه ليكون على شكل مثلث قائم الزاوية أكبر اضلعه طولاً ومساحة هو الوتر الذي يمثل شارع الثورة بكل مكوناته الشبابية الثائرة التي ظلت كل يوم تقدم تضحيات مبهرة، اقلها دم يسيل ودموع تسيل حزنا على فقيد أو بسبب “البُنبان”. ومع كل هذه القسوة ظل هؤلاء الشباب والكنداكات ثابتين في ساحات ومسيرات النضال جنب الى جنب بشجاعة وإخلاص من أجل تحرير البلاد من الظلم والقهر والفساد والاستبداد الذي استطال مشروع استئصاله لايقاد شموع الحرية. كلام ربما أستهلك لكثرة ترداده لكنها الحقيقة. شباب أذهل العالم بثباته وصلابة إرادته رغم أنه ظل يودع في كل مسيرة ارتالاً من الشهداء والمعاقين برصاص قوات الامن متعددة الهوية. نعم مرتزقة امنيين لا زال المواطن يتساءل من اين جاء هؤلاء؟ هل فعلاً هم من رحم هذا البلد الكريم الرحيم ببعضه البعض. الم تكن في قلوبهم رحمة والم يكن لهم اُسر وابناء وبنات؟
قلنا أن مثلث الحراك الثوري هو قائم الزاوية لكنه متنافرالمكونات التي تشمل المكون العسكري /القوى السياسية / ثم شباب الثورة سيد الموقف. مع إدراكنا التام أن داخل هذه المكونات الثلاثة يمكن أن تتسلل مكونات أخرى من المنتفعين من بعض الحركات المسلحة والمعاشيين من الخبراء الاستراتيجيين الذين ما فتئوا يطلون علينا من على القنوات الفضائية بشكل مقرف وهم يلبسون العمائم والبدل وباسنان مشرمة، ومرة مترادفة وبأشناب وبدون أشناب، يشتمون ويوصمون شباب الثورة والقوى السياسية بأفظع العبارات حتى تورمت السنتهم و”بققت” شفاهم وهم يؤيدون ويبررون بشكل مفضوح قتل النفس التي حرمتها كل الشرائع الا بالحق. فهم يعتمدين على فكر وفقه سلطاني ضليل يقر الظلم والاضهاد بحجة بسط الاستقرار ومنع الفوضى. وهم الذين أوجدوا وصنعوا الفوضى من أجل وأد الحريات والعدالة والسلام والاستقرار فتلك بيئة لا يستطيعون العيش فيها.
عجبت لحالنا الاستثنائي الذي تفتقت معه عبقريات الامم المتحدة فجاءت بنظرية المثلث ذي الأربعة أضلاع وهي تعمل بإصرار على إقناع العالم باستحداث هذا المثلث الغريب لهندسة شئون السودان والتدخل كطرف رابع في معالجة مشكلتة. وبلغة الفاضل الجبوري “الشويب”بمعني الشايب أو الشيبة السيد/ فولكر بيرتس”ممثل الامم المتحدة رئيس بعثة يونيتامس في السودان اراه مجتهداً متحمساً وهو ” يعافر” مفردات اللغة العربية بلكنته الاجنبية لاقناعنا بقبوله ممثلاً للأمم المتحدة كضلع رابع في المثلث وبدون أن يكون في يده برنامج. لكنه يصطحب معه ما يسمى باصدقاء السودان ومنظمات الاغاثة والمؤسسات المالية الدولية وكل من يزعم محبته للسودان من دول الجوار الاقليمي والدولي. بل حتى اعداء السودان “اسرائيل”. كلهم جاءوا يركضون على أربع قوائم نحو السودان لمساعدته في الخروج من محنته في انقلاب البرهان وكيفية إعادة الدولة الى المسار الديمقراطي المدني. حاجة تحير ذلك السودان الذي كسب محبة الجميع فاجتذب حتى اسرائيل التي ادعت أنها تود استعادة علاقاتها التاريخية التي تعود الى ما قبل الميلاد، ورد الجميل لعظماء النوبة الذي بسطوا سلطانهم حتى فلسطين لحماية اسلافهم الذين اضطهدهم الآشوريون في أرض كنعان..سبحان الله هل كل هذ الدعاوى صحيحة أم أنه الطمع في بلادنا وانسانها الغافل ومواردنا السائبة بلا حماية والتي أخذ يسيل لها لعاب كل طامع كان غنياً أم فقيراً !!
في راي المتواضع أن الوطن قد وصل مرحلة اللاعودة وقد يقفز به العسكريون وأمراء الحروب والمستثمرين فيها الى الهاوية في اي لحظة. وفي ظل هذه الظروف الحرجة اعتقد أنه لا معني لشعار لا “تفاوض ولا حوار”، الذي فسره البعض رفضاً مطلقاً لأي حوار أو التفاوض. الصحيح ان الثوار قد يرفضون الحوار مع مجموعة اللجنة الامنية التي تصنع المشكلة ثم تقدم مقترحات تستجيب لسيناريو يهدف اصلاً لتعقيد الوضع وتمكين اوتاد الظلم والبطش. أما المؤسسة العسكرية فلا اعتقد أنه يمكن تجاوزها ونحن في مرحلة التأسيس. مشكلتنا في بداية الثورة كان النظام البائد ومؤتمره الوطني. وكان الاجماع أن يتبع سقوط الراس حشر كل المجرمين الفاسدين في السجون للتحقيق والتحقق من فسادهم. وبناء ملفات لمحاكمتهم وقطع حتى الرؤوس إذا ثبتت الادانة. لكن للأسف مضى على الثورة ثلاث سنين ونحن نمسك براس الدود لا قادرين على قتله أو إطلاقه خوفاً من أن يفترسنا.. وكانت كل انجازات قضائنا الناجز هو محاكمة رئيسهم الذي علمهم السحر بجريمة حيازة الاموال. فقضت العدالة الناجزة بايداعه سجن اصلاحية الكبار لكبر سنه سبحان الله!! بينما لا زالت ايدية تسيل منها دماء الابرياء في دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق أي اولوية هذه في التقاضي والتحاكم!! هل جرائم الدم تتقادم فتسقط؟ وإلا لماذا هذا العجز المقصود؟ أم أن القضاء والعدالة قد هاجرتا… لا إجابة.
دعونا نترك الذين في السجون بجرائمهم الثابية والغير مثبتة الى أن تتذكرهم العدالة.ونقول اين الحركات المسلحة التي جيشت ابناء البسطاء لمحاربة الانقاذ وماتوا على صدقهم واليوم ذات الحركات تساند الجبابرة والانقلابات. لقد انكشف المستور في مسلسل اعتصام القصر المؤيد للانقلاب وبعض قادتها يهتفون ” لن نرجع حتى البيان يطلع” بيان اعلان الانقلاب اليس كذلك؟
خلونا نبحث عن الحل… وهل يمكن أن تستدعي التاريخ القديم والحديث بحثاً عن المتشابهات والاستفادة منها، اقلها استبعاد الحل بنموذج فكرة المثلث ذي الأربعة أضلاع ونبقي على الحقيقة الهندسية هي أن المثلث الوطني أضلاعه ثلاثة فقط والتي أشرنا إليها من قبل وهي القوى الوطنية. على أن نتفق بعدم تبخيس وتخوين مبادرات القوى السياسية التاريخية التقليدية والحديثة وأهم من ذلك كله التركيز على المكون الشبابي بكنداكاته المناضلات. وهم بالضرورة عليهم أن يستمعوا الى كبارهم بما عليهم من ملاحظات من أجل حوارجاد والاتفاق على صيغة ومعادلة جديده لا بأس ان يمثل الشباب في المثلث قائم الزاوية الوتر الاكبر مساحة وطولاً. والعمل بقناعة تامة أن الحوار مع المكون العسكري لا اللجنة الامنية في مرحلة التأسيس لا مفر منه لتحديد مكانهم وموقعهم المهني من مؤسسات الوطن، مع كامل التأكيد على احترامهم واعطائهم مكانتهم وشرفهم في حماية حدود وتراب وسماء الوطن والتسليم أن مسألة الشراكة السياسية مع العسكر أمر قد تجاوزه الواقع، لأن تجربة ثورة ديسمبر المجيدة وما حدث فيها من غدر قد هدمت كل قواعد الثقة وتحديداً مع اللجنة الامنية. صحيح أن الحقيقة تقول لن نتعلم بدون ثمن لكن سنظل اوفياء لدماء شهداء الثورة ولن تذهب بفعل النسيان فتلك فاتورة مكلفة. فهم الذين اوقدوا الشموع ونشروا الضوء ثم رحلوا ليسكنوا القبور بأمل أن تبقى الحرية لمن بعدهم. نعم هذه قضية ليست بالسهولة يا ترس الوطن الصامد. بل لابد لها من معالجة من أجل بقاء هذا الوطن لا للانتقام ولكن للبناء. فاجدادنا ابادهم المستعمر في معارك عديدة لكنهم في النهاية تركوا لنا وطناً رسمت حدوده حوافر خيلهم. واليوم شهداء ثورة ديسمبر العنيدة هم امتداد لهم. ورغم المآسي والمرارات والجراحات علينا ألا نسمح بأن تكون نذر اليوم وقراءآت المستقبل القاتم واقعاً.
إن تجارب الشعوب دروس وهل لنا أن نعتبر ونعرف كيف عالجت وتجاوزت شعوب اوربا المتعايشة اليوم بأمان مأسي حربين طاحنتين، ولم تمنعها المرارات لتأسيس دساتير كان محورها الانسان وحقوق الانسان. بل عيننا على تجربة جنوب أفريقيا مع ذلك المكون الاستعماري القاسي الملامح الباطش، الذي لم يعترف حتى بآدميتهم فصنفهم دون ذلك.. التحية للزعيم القائد الاممي مانديلا على ما أنجزه من سلام تصالحي. فلترقد روحك بسلام. فأنت الذي عندما أمتلكت القوة لم تنصب لاعدائك المشانق بل قلت لهم اذهبوا أنتم الطلقاء. وهل لنا أن نستفيد من تجربة رواندا القبلية القبيحة وبقوة الارادة والصدق والمصداقية حسمت وعالجت بؤر الخلاف والمتنافضات بعدل وصرامة. واليوم هم يفتخرون بما تأسس من قواعد للاستقرار في التعايش بسلام فانصرفوا للبناء والانتاج وبلادهم اليوم تسجيل أسرع وأعلى معدلات النمو الاقتصادي في العالم ومدنهم تعد الأنظف والاجمل، بعد أن كانت تعفنها وتزفرها جثث القتلى المرمية على الشوارع. نعم لا اصلاح والناس تتضلع المرارات والحقد. فالشعوب ارادة وتاريخ وقيادة وطنية حكيمة صارمة. والحمد لله في السودان ارث ملئ بالفضائل الم يهتف كل السودان في وجه البشير “العنصري المغرور كل البلد دارفور ” تضامناً مع مآساة مواطنيها.نعم لنا تاريخ ناصع في ذلك فهل نتفق ونتصر لمثلث الحقيقة بأضلاعه الثلاثة بدلاً من أكذوبة الأربعة أضلاع لأن ما نتفق علية هو الذي يفرض إرادتنا في وجه المتربصين.. بعدها مرحباً من شاء أن يساعد من الاصدقاء إذا وُجد…. نعم لا ردة للظلم والظلام ودام مجدك وعزك يا وطن.