حملت رسالتي السابقة رجاءً محوريا مستنداً علي فرضية تكليفكم الأممي بمساعدتنا للإنتقال لحكم مدني ديمقراطي كامل الدسم، ولهذا ركَّزت رسالتي علي أن تجعلوا كامل جهودكم تتمحور حول ترتيبات ( التسليم و التسلم ) بين العسكريين و المدنيين ، لأن ذلك هو الهدف الأوحد و الأسمى لشعب السودان، و من المفترض أن يكون هو الهدف الوحيد و الشغل الشاغل لبعثتكم الأممية الموقرة.
إنطلاقاً من هذه الفرضية، و تطلعاً للوصول لحلول تُسَرِّع إيجاد حلول عملية للمشكل السوداني القائم، و الذي يفاقمه تمادي الفريق البرهان في تثبيت أركان حكمه الإنقلابي ،دون وجه حق، عبر تعيينات و تكوينات تفتقر إلى السند الدستوري و القانوني و العُرفي ، و تطيل من حالة اللادولة التي تعيشها البلاد منذ إنقلاب الخامس و العشرين من أكتوبر ، و رداً عملياً علي تنامي التساؤل محلياً و عالمياً حول الجهة المؤهلة لإستلام الحكم من البرهان و رهطه في حالة تنازلهم ، فإني أقترح الآتي أدناه كخريطة طريق محددة الأهداف، و قابلة للتطبيق ،آملاً تبني بعثتكم الموقرة لها و تجسيدها بالتركيز عليها عبر ما تقومون به حالياً من لقاءات و مشاورات سياسية و مجتمعية في مبادرتكم الكريمة ، حتى لا تكونوا مجرد مُسَهِّلِين بل تصبحوا مبادرين بجدارة بحلول أنتم أهل لصناعتها ، و أهل السودان كلهم تطلع لثمارها ، بعد أن عجزت آلياتهم الذاتية عن إدراكها.
الهيكل العام للمقترح يشمل :
١- ضرورة تجديد إلتزامكم العلني بأن الهدف النهائي هو إعادة و تأمين مسار الشعب السوداني نحو الإنتقال المدني الديمقراطي عبر إنجاز عملية تسليم و تسلم رضائية تكفي البلاد شرور الفوضى و الإنتكاس.
٢- التركيز علي تكوين (مجلس سيادة مدني) متوازن يتكوَّن من خمسة أعضاء تتوافق عليهم معظم إن لم يتيسر كل التكوينات السياسية و المجتمعية المشاركة في ما تقومون به من مشاورات واسعة تحت مظلة مبادرتكم الحالية.
٣- الحصول علي توافق عام علي تعديلات محددة في الوثيقة الدستورية الأصلية و في إتفاقية جوبا تستوعب مجلس السيادة الخماسي المقترح ،و تحدد مسؤولياته، و شروط عضويته، و مداه الزمني، و تغلق بعض الثغرات التي عطَّلت المسيرة خلال الاعوام الثلاثة الماضية.
٤- الحصول علي مباركة عامة تجعل مجلس السيادة الخماسي هو ( الممثل لأهل السودان في إستلام السلطة) من العسكريين ، إستناداً علي الشرعية الشعبية التي وفرتها الأمم المتحدة عبر مشاورات بعثتها الأممية للسودان، و بمباركة ضمنية لمجلس الأمن و للمنظمات الإقليمية الإفريقية و العربية.
٥- يقوم مجلس السيادة إستناداً علي ذلك التفويض بإختيار رئيس للوزراء علي أسس تتناسب مع روح و متطلبات ثورة ديسمبر المجيدة.
٦- يختار رئيس الوزراء وزراء مهنيين بحرية تامة دون أي إعتبارات مُحَدِّدة لخياراته.
٧- ضرورة إلتزام الكل بالمدى الزمنى و بمتطلبات و برامج الحد الأدنى للفترة الإنتقالية.
٨-إستمرار البحث المجتمعي و القانوني عن آليات عفو عادل تطوي صفحة تؤرق الجميع.
و الله و الوطن من وراء القصد و هو المستعان.
بروفيسور
مهدي أمين التوم
21 يناير 2022 م
mahditom1941@yahoo.com